Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 60-64)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } أعلم الله المؤمنين والعارفين استعداد قتال اعداء الله وسمّى الة القتال قوة وتلك القوة قوة الالهية التي لا ينالها العارف من الله الا بخضوعه بين يديه بنعت الفناء فى جلاله فاذا كان كذلك يلبسه الله لباس من الله الا بخضوعه بين يديه بنعت الفناء فى جلال فاذا كان كذلك يلبسه الله لباس عظمته ونور كبريائه وهيبته ويغريه الى الدعاء عليهم ويجعله منبسطا حتى يقول فى همته وسره إلهي خذهم فياخذهم بلحظة ويسقطهم صرعى بين يديه بعون وكرمه ويسلي قلب وليه وتفريحه من شرور معارضيه ومنكريه وذلك سهم رمي بقوس الهمة عن كنانة الغيرة كما رمى نبى الله صلى الله عليه وسلم الى منكريه حين قال " شاهت الوجوه " وهذا الوحى من الله بقوله { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } سمعت ان ذا النون كان فى غزو وغلب المشركون على المؤمنين فقيل له لو دعوت الله فنزل عن دابته وسجد فهزم الكفار فى لحظة واخذوا جميعا وأسروا او قتلوا وايضا اقتبسوا من الله قوة من قوى صفاته لنفوسكم حتى تقويكم فى محاربتها وجهادها قال ابو على رودبارى القوة هى الثقة بالله قيل ظاهر الاية انه الرمى بسهام القسى وفى الحقيقة رمى سهام الليالى فى الغيب بالخضوع والاستكانة ورمى القلب الى الحق معتمدا عليه راجعا عما سواه ثم بيّن ان المعوّل على الله ونصرته لا على السلاح والالات بقوله { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } أى قوّاك بقوة الازليّة ونصرك بنصرته الابدية ووفق المؤمنين باعانتك على عدوك قال الواسطى قواك به وقوى المؤمنين بك بل ايدك وايد المؤمنين بنصرك ثم بين سبحانه ان نصرة المؤمنين لم تكن الا بتأليفه بين قلوبهم وجمعها محبة الله ومحبة رسوله بعد تباينها بتفرقة الهموم فى اودية الامتحان بقوله { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } اى جمع ارواحها فى بدو الامر على موارد شريعة المشاهدة ومشارع الحقيقة فائتلفت بعضها بعضا فى الحضرة القديمة عند مشاهدة الجليل جل جلاله فارتفعت من بينهم المناكرة وبقيت بينهم المصادقة والمحبة والموافقة ثم اوكد ذلك الائتلاف بانه لا يكون من صنيع الخلق ويكلف الاكتساب بل من القائه نور الاسلام فى قلوبهم وجمعه اياهم على متابعة نبيه بنظره ولطفه بقوله { لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } الف بين الاشكال بالتجانس والاستئناس لانها من مصدر فطرة قوله { خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } والف بين الارواح بالتجانس والاستئناس من جهة الفطرة الخاصة من قوله { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } والف بين القلوب بمعاينة الصفة لها باشارة قوله عليه السلام " القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن " والف بين العقول بتجانسها واصل فطرتها التى قيل فيها العقل اول ما صدر من البارى وذلك قوله عليه السّلام " اوّل ما خلق الله العقل " انصرف من مصدر الازلية والف بين الاسرار بمطالعتنا الانوار واتصال الإقراري من الغيب بقوله { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } قيل اى يشاهدون انوار الغيب فموافقة الاشباح من حيث تجانس القلب فى الطاعات ورؤية الاية والظفر بالكرامات وموافقة الارواح بائتلافها من مجانسة مقاماتها فى المشاهدات وسلوكها فى مسالك المراقبات والمخاضرات وموافقة القلوب من تجانس سيرها فى الصفات فمن شاهد القدرة يأتلف بمن شاهد بقاءه فى القدرة وكذلك مقام رؤية جميع الصفات لان سيرها فى انوار الصفات وموافقة العقول من تجانس ادراك انوار الافعال وتحصيلها سنا الحكميات من اصول الايات وتدبرها وتذكرها فيها بانوار الهذايات وموافقة الاسرار من تجانس مشاربها من مشاهدة القدم ومطالعة الابد وكل سر يرد مشرب المعرفة أو المحبة أوالشوق أوالتوحيداً والفناء أو السكر أو الصحو يستانس بمن يكون شربه من مقامه من الاسرار فسبحان الذى الف بين كل جنس مع جنس رحمة منه وتلطفاً قال عليه السّلام فى بيان ما شرحنا من ائتلاف هذه المؤتلفات واستئناس هذه المستأنسات فى مقام القربات قال " الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف " فايتلاف المريدين فى الارادة وائتلاف المحبين فى المحبة وائتلاف المشتاقين فى الشوق وائتلاف العاشقين فى العشق وائتلاف المستانسين فى الانس وائتلاف العارفين فى المعرفة وائتلاف الموحدين فى التوحيد وائتلاف المكاشفين فى الكشف وائتلاف المشاهدين فى المشاهدة وائتلاف المخاطبين فى سماع الخطاب وائتلاف الواجدين فى الوجد وائتلاف المتفرسين فى الفراسة وائتلاف المتعبدين فى العبودية وائتلاف الاولياء فى الولاية وائتلاف الانبياء فى النبوة وائتلاف المرسلين فى الرسالة فكل جنس يستأنس بجنسه ويلحق بمن يليه فى مقامه قال بعضهم ألف بين قلوب المرسلين بالرسالة وقلوب الانبياء بالنبوة وقلوب الصديقين بالصدق وقلوب الشهداء بالمشاهدة وقلوب الصالحين بالخدمة وقلوب عامة المؤمنين بالهداية فجعل المرسلين رحمة على الانبياء وجعل الانبياء رحمة على الصديقين وجعل الصديقين رحمة على الشهداء وجعل الشهداء رحمة على الصالحين وجعل الصالحين رحمة على عامة عباده المؤمنين وجعل المؤمنين رحمة على الكافرين وقال ابو سعيد الخراز الف بين الاشكال وغير الرسوم لمقام اخر فكل مربوط بمنحته ومستأنس فى اهل نحلته وهذا معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم " الارواح جنود مجندة " ثم ان الله سبحانه امتن على نبيه بانه حسبه فى كل مراد له منه وحسب المومنين بما يريدون منه وافرد النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه والمؤمنين لتبريهم من حولهم وقوتهم حيث ضمن دفع العدوى منهم بنصرته وآزاليته بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ } اى لما مننت عليك بائتلاف قلوب المؤمنين فى نصرتك فلا تلتفت اليهم فى محل التوحيد فانى حسبك وحدى بغير معاونة الخلق فينبغى ان تفرد القدم من الحدوث فى سيرك منى الىّ وانا حسب المؤمنين عن كل ما دوني وان كان ملكا مقربا او نبيّا مرسلا ولا ينبغي فى حقيقة التوحيد النظر الى غيرى وان كان منى وفى هذه الاشارة قد اشار بقوله سبحانه فى وصف كبرياء مجالسيه من المقربين بقوله { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } قال الواسطى حسبك بالله وليا وحافظاً وناصراً ومن اتبعك من المؤمنين فالله حسبهم .