Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 1, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اسم الشيء ما يعرف به ، فأسماء الله تعالى هي الصور النوعية التي تدلّ بخصائصها وهوياتها على صفات الله وذاته ، وبوجودها على وجهه ، وبتعينها على وحدته ، إذ هي ظواهره التي بها يعرف . و { الله } اسم للذات الإلهية من حيث هي هي على الإطلاق ، لا باعتبار اتصافها بالصفات ، ولا باعتبار لا اتصافها . و { الرحمن } هو المفيض للوجود والكمال على الكل بحسب ما تقتضي الحكمة وتحتمل القوابل على وجه البداية . و { الرحيم } هو المفيض للكمال المعنويّ المخصوص بالنوع الإنساني بحسب النهاية ، ولهذا قيل : " يا رحمن الدنيا والآخرة " ، ورحيم الآخرة . فمعناه بالصورة الإنسانية الكاملة الجامعة الرحمة العامّة والخاصة ، التي هي مظهر الذات الإلهي والحق الأعظمي مع جميع الصفات ابدأ واقرأ ، وهي الاسم الأعظم وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " أوتيت جوامع الكلم ، وبعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، إذ الكلمات حقائق الموجودات وأعيانها . كما سمي عيسى عليه السلام كلمة من الله ، ومكارم الأخلاق حالاتها وخواصها التي هي مصادر أفعالها جميعها محصورة في الكون الجامع الإنساني . وههنا لطيفة وهي أن الأنبياء عليهم السلام وضعوا حروف التهجي بإزاء مراتب الموجودات . وقد وجدت في كلام عيسى عليه الصلاة والسلام وأمير المؤمنين علي عليه السلام وبعض الصحابة ما يشير إلى ذلك . ولهذا قيل : ظهرت الموجودات من باء بسم الله إذ هي الحرف الذي يلي الألف الموضوعة بإزاء ذات الله . فهي إشارة إلى العقل الأول الذي هو أول ما خلق الله المخاطب بقوله تعالى : " ما خلقت خلقاً أحب إليّ ولا أكرم عليّ منك ، بك أعطي ، وبك آخذ ، وبك أثيب ، وبك أعاقب … " الحديث . والحروف الملفوظة لهذه الكلمة ثمانية عشر ، والمكتوبة تسعة عشر . وإذا انفصلت الكلمات انفصلت الحروف إلى اثنين وعشرين ، فالثمانية عشر إشارة إلى العوالم المعبر عنها بثمانية عشر ألف عالم ، إذ الألف هو العدد التام المشتمل على باقي مراتب الأعداد فهو أمّ المراتب الذي لا عدد فوقه ، فعبر بها عن أمّهات العوالم التي هي عالم الجبروت ، وعالم الملكوت ، والعرش ، والكرسي ، والسموات السبع ، والعناصر الأربعة ، والمواليد الثلاثة التي ينفصل كل واحد منها إلى جزئياته . والتسعة عشر إشارة إليها مع العالم الإنساني ، فإنه وإن كان داخلاً في عالم الحيوان إلا أنه باعتبار شرفه وجامعيته للكل وحصره للوجود عالم آخر له شأن وجنس برأسه له برهان ، كجبريل من بين الملائكة في قوله تعالى : { وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ } [ البقرة ، الآية : 98 ] . والألفات الثلاثة المحتجبة التي هي تتمة الاثنين والعشرين عند الانفصال إشارة إلى العالم الإلهيّ الحقّ ، باعتبار الذات ، والصفات ، والأفعال . فهي ثلاثة عوالم عند التفصيل ، وعالم واحد عند التحقيق ، والثلاثة المكتوبة إشارة إلى ظهور تلك العوالم على المظهر الأعظميّ الإنسانيّ ولاحتجاب العالم الإلهي . حين " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ألف الباء من أين ذهبت ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " سرقها الشيطان " " وأمر بتطويل باء بسم الله تعويضاً عن ألفها إشارة إلى احتجاب ألوهية الإلهية في صورة الرحمة الانتشارية وظهورها في الصورة الإنسانية بحيث لا يعرفها إلا أهلها ، ولهذا نكرت في الوضع . وقد ورد في الحديث : " إن الله تعالى خلق آدم على صورته " ، فالذات محجوبة بالصفات ، والصفات بالأفعال ، والأفعال بالأكوان والآثار . فمن تجلّت عليه الأفعال بارتفاع حجب الأكوان توكل ، ومن تجلّت عليه الصفات بارتفاع حجب الأفعال رضي وسلّم . ومن تجلّت عليه الذات بانكشاف حجب الصفات فني في الوحدة فصار موحداً مطلقاً فاعلاً ما فعل وقارئاً ما قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، فتوحيد الأفعال مقدّم على توحيد الصفات وهو على توحيد الذات وإلى الثلاثة أشار صلوات الله عليه في سجوده بقوله : " أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك " .