Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 37-40)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { لا يأتيكما طعام ترزقانه } الخ ، إشارة إلى منعه إياهما عن حظوظهما إلا بعد تبيينه لهما ما يؤول إليه أمرهما من شأنهما الذي يجب لهما القيام به بالسياسة والتسديد والتقويم والإصلاح وإظهار التوحيد لهما بقوله : { إني تركت } إلى آخره ، بعثه إياهما على القيام بالأمر الإلهيّ الضروري وترك الفضول والامتناع عن تفرّق الوجهة وتشتت الهمّ ، فإنّ خاصية الهوى التفرقة والتوزع وتعبد الشهوات المختلفة للقوى المتنازعة ، وخاصية المحبة في البداية وقبل الوصول إلى النهاية التعلق بحسن الصفات والتعبد لها دون جمال الذات ، فدعاهما إلى التوحيد بقوله : { إني تَرَكت ملّة قومٍ لا يؤمنون بالله } أي : المشركين ، العابدين لأوثان صفات النفس بل لوجود القلب وصفاته { وهم بالآخِرةِ } أي : وهم عن البقاء في العالم الروحاني محجوبون ، وبقوله : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء } . وبقوله : { أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحدِ القهار } أي : إذا كان لكل منكما أرباب كثيرة كما قال تعالى : { فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُون } [ الزمر ، الآية : 29 ] يأمره هذا بأمر وهذا بأمر متمانعون في ذلك ، عاجزون إمّا للمحبة فكالصفات والأسماء ، وإما للهوى فكالقوى النفسانية كان خيراً له أم ربّ واحد لا يأمره إلا بأمر واحد ، كما قال : { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَة } [ القمر ، الآية : 50 ] ، قهار ، قويّ ، يقهر كل أحد ، لا يمانعه في أمره شيء ، ولا يمتنع عليه . وأجبرهما بالسياسة على اتحاد الوجهة ، فإنّ القلب إذا غلبت عليه الوحدة امتنعت محبته عن حب الصفات وانصرفت إلى الذات ، وإذا تمرّن في التوحيد انقمع هواه عن تعبد الحظوظ والشهوات والتفرّق في تحصيل اللذات واقتصر على الحقوق والضرورات بأمر الحق لا بطاعة الشيطان .