Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 64-73)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال ذلك } أي : تملص الحوت واتخاذه سبيله الذي كان عليه في جبلته { ما كنا } نطلبه ، لأن هناك مجمع البحرين الذي وعد موسى عنده بوجود من هو أعلم منه ، إذ الترقي إلى الكمال بمتابعة العقل القدسي لا يكون إلا في هذا المقام { فارتدّا على آثارهما } في الترقي إلى مقام الفطرة الأولى كما كانا أولاً يقصّان { قصصاً } أي : يتبعان آثارهما عند الهبوط في الترقي إلى الكمال حتى وجد العقل القدسي ، وهو عبد من عباد الله مخصوص بمزية عناية ورحمة { آتيناه رحمة من عندنا } أي : كمالاً معنوياً بالتجرّد عن المواد والتقدّس عن الجهات . والنورية المحضة التي هي آثار القرب والعندية { وعلمناه من لدنا علماً } من المعارف القدسية والحقائق الكلية اللدنية بلا واسطة تعليم بشريّ . وقوله : { هل أتبعك } هو ظهور إرادة السلوك والترقي إلى الكمال { إنك لن تستطيع معي صبراً } لكونك غير مطلع على الأمور الغيبية والحقائق المعنوية لعدم تجرّدك واحتجابك بالبدن وغواشيه ، فلا تطيق مرافقتي ، وهذا معنى قوله : { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً قال ستجدني إن شاء الله صابراً } لقوّة استعدادي وثباتي على الطلب { ولا أعصي لك أمراً } لتوجهي نحوك وقبولي أمرك ، لصفائي وصدق إرادتي . والمقاولات كلها بلسان الحال . { فإن اتّبعتني } في سلوك طريق الكمال { فلا تسألني عن شيء } أي : عليك بالاقتداء والمتابعة في السير بالأعمال والرياضات والأخلاق والمجاهدات ، ولا تطلب الحقائق والمعاني { حتى } يأتي وقته ، فـ { أحدث لك منه } أي : من ذلك العلم { ذكراً } وأخبرك بالحقائق الغيبية عند تجرّدك بالمعاملات القالبية والقلبية { فانطلقا حتى إذا ركبا } في سفينة البدن البالغ إلى حدّ الرياضة الصالح للعبودية إلى العالم القدسي في بحر الهيولى للسير إلى الله { خرقها } أي : نقصها بالرياضة وتقليل الطعام وأضعف احكامها وأوقع الخلل في نظامها وأوهنها { قال أخرقتها لتغرق أهلها } أي : أكسرتها لتغرق القوى الحيوانية والنباتية التي فيها في بحر الهيولى فتهلك { لقد جئت شيئاً إمراً } وهذا الإنكار عبارة عن ظهور النفس بصفاتها وميل القلب إليها ، والتضجر عن حرمان الحظوظ في الرياضة ، وعدم القناعة بالحقوق . { قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً } تنبيه روحي وتحريض قدسي على أن العزيمة في السلوك يجب أن تكون أقوى من ذلك { قال لا تؤاخذني بما نسيت } إلى آخره ، اعتذاره في مقام النفس اللوّامة .