Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 66-75)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولم يك شيئاً } في عالم الشهادة محسوساً أو شيئاً يعتدّ به ، كما قال : { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } [ الإنسان ، الآية : 1 ] لأن الوجود العيني في الأزل قبل الخلق كلا وجود لانطماسه في عين الجمع { لنحشرنهم والشياطين } أي : لنحشرنّ المحجوبين المنكرين للبعث مع الشياطين الذين أغووهم وأضلوهم عن الحق لأنّ نفوس المحجوبين تناسب في الكدورة والبعد عن النور نفوس الشياطين ، فبالضرورة يحشرون معهم خصوصاً إذا اتبعوهم في الاعتقاد { ثم لنحضرنهم حول جهنم } الطبيعة في العالم السفلي لاحتجابهم بالغواشي الهيولانية والغواسق الظلمانية في الهياكل السجنية مقرنين في الأصفاد ، سرابيلهم من قطران { جثياً } لاعوجاج هياكلهم بسبب عوج نفوسهم فلا يستطيعون قياماً { ثم لننزعنّ من كل شيعة } أي : لنخصَّن من كل فرقة من هو أشدّ عتياً على الرحمن بعذاب أشدّ على ما علمنا من حاله ، فنحن أعلم به منه ، فنصليه بعذاب هو أولى به . { وإنّ منكم إلاّ واردها } أي : لا بدّ لكل أحد عند البعث والنشور أن يرد عالم الطبيعة لكونها مجاز عالم القدس { كان على ربّك حتماً مقضيا } أي : حكماً جزماً ، مقطوعاً به . ومن بعث بردّ روحه إلى الجسد لا يمكنه الجواز على الصراط إلا بالجواز على جهنم ، لأن المؤمن لما جاء أطفأ نوره لهبها فلم يشعر بها . كما روي أنها تقول : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي . ولو سألته بعد دخول الجنة : كيف كان حالك في النار ؟ لقال : ما أحسست بها . كما سئل الصادق عليه السلام : أتردونها أنتم أيضاً ؟ فقال : جزناها وهي خامدة . وعن ابن عباس : يردونها كأنها أهالة . وعن جابر بن عبد الله أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض : أليس وعدنا ربنا أن نرد النار ؟ فيقال لهم : وردتموها وهي خامدة " وعنه رحمه الله أنه سئل عن هذه الآية فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الورود الدخول لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى أنّ للنار ضجيجاً من بردها " وأما قوله : { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [ الأنبياء ، الآية : 101 ] فالمراد عن عذابها . { ثم ننجي الذين اتّقوا } لتجردهم بالجواز على الصراط الذي هو سلوك طريق العدالة إلى التوحيد كالبرق { ونذر الظالمين } الذين نقصوا نور استعدادهم في الظلمات أو وضعوه غير موضعه { فيها جثياً } لا حراك بهم لتوردهم في المواد الظلمانية كما قال عليه السلام : " الظلم ظُلُمات يوم القيامة " .