Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 24-24)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فإن لم تفعلوا } فاذعنوا وأسلموا وآمنوا ، واتركوا العناد المفضي بكم إلى النار . فحذف الملزوم الذي هو الإيمان أو الإسلام ، وأقام لازمه الذي هو اتقاء النار مقامه ليكون أدلّ على أن الإنكار موجب لدخول النار وحصول العذاب لهم . وقوله : { ولن تفعلوا } اعتراض على طريق الإخبار بالغيب للعلم بامتناع عقول المحجوبين عن مثله . والمراد بالنار احتراقهم بثورة نفوسهم ، وشرر طباعهم المصروفة عن الروح القدسيّ الروحانيّ ، والنسيم الذوقيّ الرحمانيّ ، المحرومة عن لذّة برد اليقين ، وسلامة دار القرار المقطوعة بالمألوفات الحسيّة ، واللذات البدنيّة الممنوعة ، بما ضربت به وألفته مع بقاء حنينها إليه وولهها ، ورسوخ هيئات التعلّق بالأمور السفليّة ، ومحبة الأجساد الأرضية فيها التي هي سبب استيقاد نيرانها ، ولهذا قال : { وقُودُها الناسُ والحجارةُ } أي : الأمور الجاسية ، السفلية ، الصامتة ، التي تعلقوا بها بالمحبة فرسخت صورتها في أنفسهم ، وسجنت نفوسهم بميلهم إليها ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المرء يحشر مع من أحبّ حتى لو أحبّ أحدكم حجراً حشر معه " ، وكيف لا ، وقد ركزت صورته في نفسه بالمحبة بحيث صار صورة قلبه صورته . واعلم أن حرارة النار تابعة لصورتها النوعية التي هي روحانيتها وملكوتها ، وإلا ساوت سائر الأجسام في خواصها ، وتلك الروحانية شرر من نار ، قهر الله المعنوية بعد تنزلها في مراتب كثيرة كتنزلها في مرتبة النفس بثورة الغضب ، إذ ربما تؤثر ثورة الغضب في إحراق الأخلاق ما لا تؤثر النار في الحطب . ومن هذا يعلم أن كل مسخن لا يجب أن يكون حارّاً . وإذا كانت النار الجسمانية أثراً للنار الروحانية ، فلا جرم أنّ إيلامها أشدّ وأدوم من إيلام هذه النار ، كيف وكل قوّة جسمانية متناهية دون القوى الروحانية ؟ ، ولهذا المعنى يقال : إن نار جهنم غسلت بالماء سبعين مرّة ، ثم أنزلت إلى الدنيا ليمكن الانتفاع بها { أُعِدت للكافرينَ } المحجوبين عن الدين لانقطاعهم دون مرادهم .