Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 31-33)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وعلم آدم الأسماء كلها } أي : ألقى في قلبه خواص الأشياء التي تعرف بها هي ومنافعها ومضارّها { ثم عَرَضُهُم } أي : عرض مسمياتها { على الملائكةِ } بشهودهم البنية الإنسانية ومرافقتهم لآدم في التنزيل . ومعنى قوله : { فقال أنبئوني بأسماءِ هؤلاءِ إن كنتمْ صادقين } إرادته لانتعاشهم ببعض معلومات الإنسان باقتضاء التركيب الإنساني ، وتأذَّي محسوساته ومعلوماته المتنوعة منها والحادثة فيه بخاصية التركيب والهيئة الاجتماعية إلى ذواتهم بعد ما لم تكن ، إذ علومهم تابعة لعلمه وهو معنى إفحامهم وتعلق إرادته بذلك أمر آدم بالإنباء إذ جميع القوى الإنسانية والملائكة التي بحضرته تنتعش بما لا تنتعش هي في غير ذلك المحل ، وهو معنى إنباء آدم إياهم . ومعنى قوله : { قالوا سبحانك لا عِلْمَ لنا إلا ما علمتَنَا إنك أنت العليمُ الحكيمُ } شهادة وجوداتهم بالدلالة وألسنة الحال على قصورهم عن الكمالات الإنسانية وتخلفهم عن شأوها ، وبتنزيه الله عن فعل ما فيه مفسدة بالإجمال ، وعلمهم بامتناع ترقيهم إلى مراتبهم بكسب العلوم ، إذ كمالاتهم مقارنة لوجوداتهم ، وبأن علمه تعالى فوق علمهم فهو العليم المطلق ، والحكيم الذي لا يفعل إلا ما ينبغي . ولهذا قال : { يا آدَمُ أَنْبِئهُم } ولم يقل علمهم ، لأنّ العلم المكتسب الموجب للترقي هو من خاصية الجمعية الإنسانية فلا يقبل كل منها إلا ما في طباعه من جنس مدركاته لا غير ، وكما أن البصر مثلاً من كثرة مبصراته لا يزيد علماً ورتبة ولا يقبل إلا ما هو من جنس المبصرات فقط ، وإن تكثرت عنده فكذلك حال كل قوة باطنة . ومعنى : { ألم أقُلْ } تقريره في طباع الملائكة أنه تعالى يعلم ما لا يعلمون من غيب السموات والأرض الذي هو سرّ المعرفة والمحبة المودع في الإنسان الذي استأثر الله بعلمه { وأعلم ما تُبْدُونَ } من علمكم بمفاسد الإنسان { وما كُنْتم تَكتُمونَ } من ترجيحكم ذواتكم عليه لنزاهتها وتقدّسها .