Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 36-37)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فأزَلهُما الشيطانُ عنها } أي : حملهما على الزلة من مقامهما إ لى مهوى الطبيعة عن الجنة بتسويل الملاذ الجسمانية ودوامها عليهما { فأخرجهما مما كانا فيه } من النعيم والروح الدائم . وقيل : بينما هما يتفرّجان في الجنة إذ راعهما طاووس تجلّى لهما على سور الجنة ، فدنت حواء منه وتبعها آدم فوسوس لهما الشيطان من وراء الجدار . وقيل : توسل بحيّة تتسوّر الجنة فأخذ بذنبها وصعد الجنة . والأوّل إشارة إلى توسله من قبل الشهوة خارج الجنة . والثاني : إلى توسله بالغضب . وتسوّره جدار الجنة : إشارة إلى أن الغضب أقرب إلى الأفق الروحانيّ والحيز القلبيّ من الشهوة . { وقلنا اهبطوا } أي : ألزمناهم الهبوط إلى الجهة السفلية التي هي العالم الجسمانيّ { بعضكم لبعض عدو } حال من الهبوط مقيد له إذ الهبوط إلى الدنيا التي هي الجهة السفلية يستلزم كون مطالبها جزئية في ضيق المادة محصورة لا تحتمل الشركة . وكلما حظي بها أحد حرم منها غيره فمنعه ، فيقع بينهما العداوة والبغضاء بخلاف المطالب الكلية وجمع الخطاب لأن خطابهما خطاب النوع إذ الأصل يتناول الفرع { ولكم في الأرض } أي : في هذه الجهة { مُسْتَقر } استقرار { ومتاعٌ } تمتع { إلى حينٍ } أي : حين تجرّدهما بالموت الإرادي وانقطاع حظوظهما بالموت الطبيعي وقيام أحد القيامتين الكبرى أو الصغرى . { فتلقى آدم من ربهِ كلماتٍ } أي : استقبل من جهة ربّه أنواراً وأطواراً ، أي : مراتب من الملكوت والجبروت وأرواحاً مجرّدة ، إذ كل مجرد كلمة لأنه من عالم الأمر كما سمي عيسى كلمة أو تلقن منه معارف وعلوماً وحقائق . { فَتَابَ عليه } تقبّل رجوعه إليه بالتجرّد عن الملابس الطبيعية والانخراط في سلك الأنوار الملكوتية ، والاتصاف بالكمالات القدسية ، والتجلّي بالعلوم الحقيقية . وأصل تاب عليه : ألقى الرجوع عليه وجعله راجعاً . ولعمري إنها هي التوبة المقبولة لا الرجوع الناشئ من قبله . { إنه هو التوابُ } الكثير القبول لتوبة عباده { الرحيم } الذي سبقت رحمته غضبه ، فيرحم عبده في حين غضبه ، كما جعل غضبه على آدم سبب كماله ورجوعه إليه وبعده ليتقرّب منه .