Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 48-55)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنّا قد أوحي إلينا أنّ العذاب } في جحيم الطبيعة وهاوية الهيولى على من خالفه وأعرض عنه { فمن ربّكما } إشارة إلى احتجاب النفس من جناب الربّ ، وقوله : { ربنا الذي أعطى } هداية لها بالدليل وتبصيراً بالحجة ، أي : أعطاه خلقاً على وفق مصالح ذاته وآلات تناسب خواصه ومنافعه ومقاصده وهداه إلى تحصيلها { فما بال القرون الأولى } إشارة إلى احتجابها عن المعاد والأحوال الأخروية من السعادة والشقاوة وعن إحاطة علم الله تعالى لها . ولما كان الواجب الأول معرفة الله تعالى بصفاته وكانت معرفة المعاد موقوفة عليها أجاب بإحاطة علمه بها وبأحوالها مع كثرتها وكون ذلك العلم مثبتاً في اللوح المحفوظ باقياً أزلاً وأبداً ، لا يجوز عليه الخطأ والنسيان . { الذي جعل لكم } أيها القوى البدنية أرض البدن { مهداً وسلك لكم فيها سبلاً } من الأعضاء والجوارح كالعين والأذن والأنف وغيرها { وأنزل } من سماء الروح ماء الإدراك والمدد الروحاني { فأخرجنا به } أصنافاً من الإدراكات والأفاعيل والخواص والهيئات والملكات المخصوصة بكل قوة منكم { كلوا } اغتذوا وتقووا بما يختص بكم من الأحوال والأخلاق والأمداد والمواهب كالرضا والصبر وعلم الأسماء والخواص والأعداد وسائر الإدراكات والإرادات والمقامات { وارعوا أنعامكم } القوى الحيوانية بما يختص بها من الأخلاق والآداب { منها خلقناكم } أنشأناكم على حسب اختلاف أمزجة الأعضاء التي هي مظاهرها { وفيها نعيدكم } بإماتة عند الرياضة حتى يلازم كل محله ويندس فيه لا حراك به ولا يتطلب التجاوز عن حدّه والاستيلاء على غيره بمحو صفات النفس حتى الفناء { ومنها نخرجكم تارة أخرى } عند البقاء بالحياة الموهوبة الحقيقية فتعتدل حركاتها وتفضل ملكاتها .