Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-96)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما أعجلك عن قومك } - إلى قوله - { في اليم نسفاً } معناه على التحقيق : أنّ موسى عليه السلام لما شرّف بمقام المكالمة وأوتي كشف الصفات وبعث لإنقاذ بني إسرائيل وإرشادهم إلى الحق وُعد شريعة يسوس بها قومه ، فاستخلف هارون على قومه وتخلى للمراقبة قبل تثبتهم على الإيمان وتقريرهم على الحق بالإيقان ، فعوقب على تلك العجلة وإن كانت من غاية الشوق إلى المشاهدة . واقتضاء المقام عدم التفرّغ إلى تكميل الغير لأن في تكميلهم بالمعرفة اليقينية والكمال العلمي ثبات قدمه في الطاعة وامتثال الأمر المستلزم للترقي في الحال ، فاعتذر بكونهم على متابعته في الدين وإن لم تبن معاملتهم على أساس اليقين والتعجيل ، إنما بدر منه لطلب مقام الرضا الذي هو كمال الفناء في الصفات وهو استحكام مقام التجلي الصفاتي الذي منه المكالمة ، وإنما ابتلاهم الله بالسامري ليتميز المستعدّ القابل للكمال بالتجريد من القاصر الاستعداد المنغمس في الموادّ الذي لا يدرك إلا المحسوس ولا يتنبّه للمجرد المعقول . ولهذا قالوا : { ما أخلفنا موعدك بملكنا } أي : بأن ملكنا أمرنا وخلينا ورأينا ، فإنهم عبيد بالطبع لا رأي لهم ولا ملكة وليسوا مختارين بل مطبوعون مسوسون مقودون بدنيون لا طريق لهم إلا التقليد والعمل ، لا التحقيق والعلم . وإنما استعبدهم بالطلسم المفرع من الحلي لرسوخ محبة الذهب في طباعهم لكون نفوسهم سفلية منجذبة إلى الطبيعة الذهبية ، وتجلي تلك الصورة النوعية فيها للتناسب الطبيعي وكان ذلك من باب مزج القوى السماوية بالقوى الأرضية ولذلك قال : { بصرت بما لم يبصروا به } من العلم الطبيعي والرياضي اللذين يبتنى عليهما علم الطلسمات والسيميات . { فقبضت قبضة من أثر الرسول } وهي على ما قيل : تراب موطىء حافر الحيزوم الذي هو فرس الحياة مركب جبرائيل ، أي : مما اتصل به أثر النفس الحيوانية الكلية السماوية المسخّرة للعقل الفعال ، المتأثرة منه ، الحاملة لصفاته التي هي بمثابة مركبه لاستعلائه عليها ووصول تأثيره إلى الطبائع العنصرية والأجرام السفلية بواسطتها من الأوضاع التي تفيض بسببها الآثار على المواد ، فتنفعل منها بحسب الاستعداد وتقبل الأحوال الغريبة التي هي بمثابة تراب موطىء مركبه { فنبذتها } فطرحتها على الجرم المذاب عند الإفراغ في صورة العجل وذلك من تسويل النفس الشيطانية الشريرة .