Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 98-104)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وذلك مقام الاستقامة إلى الله والقيام بحقائق العبودية لله ، ولا تتجلى ناصية التوحيد ولا يحصل مقام التجرّد والتفريد إلا به ، ولذلك عقبه بقوله : { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو } إذ يكون السالك قبل ذلك مصلياً إلى قبلتين ، متردّداً في العبادة بين جهتين ، متخذ الإلهين { وسِعَ كل شيء علماً } أي : يتحقق هناك التوحيد بالفعل ، وتظهر إحاطة علمه بكل شيء وحدوده وغاياته فتقف كل قوّة بنور الحق وقدرته على حدّها في عبادته وطاعته عائذة به عن حولها وقوّتها ، عابدة له بحسب وسعها وطاقتها ، شاهدة إياه ، مقرّة بربوبيته بقدر ما أعطاها من معرفته : مثل ذلك القصص { نقص عليك من أنباء ما قد سبق } من أحوال السالكين الذي سبقوا ، ومقاماتهم لتثبيت فؤادك وتمكينك في مقام الاستقامة كما أُمرت { وقد آتيناك من لدنا ذِكْرَاً } أي : ذِكْراً ما أعظمه وهو : ذكر الذات الذي يشمل مراتب التوحيد . { من أعرض عنه } بالتوجه إلى جانب الرجس وحيز الطبع والنفس { فإنه يحمل يوم القيامة } الصغرى وزر الهيئات المثقلة الجرمانية ، وآثام تعلقات المواد الهيولانية . { يوم ينْفخ } الحياة { في الصور } الجسمانية ، بردّ الأرواح إلى الأجساد { ونحشر المجرمين } الملازمين للأجرام { زرقاً } عمياً ، بيض سواد العيون ، أو شوهاً في غاية قبح المناظر ، يحسن عندها القردة والخنازير ، يسرون الكلام لشدّة الخوف أو عدم القدرة على النطق ، ويستقصرون مدة اللبث في الحياة الدنيوية لسرعة انقضائها وكل من كان أرجح عقلاً منهم كان أشدّ استقصاراً إياها .