Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 79-82)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولهذا قال : { ففهمناها سليمان } فإنّ العمل بالتقوى والرياضة على وفق الشرع والحكمة العملية أبلغ في تحصيل الكمال وإبرازه إلى الفعل من العلم الكلي والفكر والنظر والذوق والكشف { وكلاً آتينا حكماً وعلماً } إذ كل منهما على الصواب في رأيه والحكمة النظرية والعملية والمكاشفة والمعاملة كلتاهما متعاضدتان في طلب الكمال ، متوافقتان في تحصيل كرم الخصال بهما . { وسخّرنا مع داود } الفؤاد ، جبال الأعضاء { يسبحن } بألسنة خواصها التي أمرن بها ويسرن معه بسيرتها المخصوصة بها فلا تعصي ولا تمتنع عليه ، فتكلّ وتثقل وتأبى أمره ، بل تسير معه مأمورة بأمره ، منقادة مطواعة لتأدبها وارتياضها وتعوّدها بأمره ، وتمرّنها في الطاعات والعبادات ، وطير القوى الروحانية يسبحنّ بالأذكار والأفكار والطيران في فضاء أرواح الأنوار { وكنا } قادرين على ذلك التسخير . { وعلمناه صنعة لبوس لكم } من الورع والتقوى ونعم الدرع الحصين الورع { لتحصنكم من } بأس القوى الغضبية السبعية واستيلاء الحرص والدواعي الطبيعية والقوى الوهمية الشيطانية { فهل أنتم شاكرون } حق هذه النعمة بالتوجه إلى الحضرة الربانية بالكلية . { ولسليمان } أي : سخّرنا لسليمان العقل العملي المتمكن على عرش النفس في الصدر ريح الهوى { عاصفة } في هبوبها { تجري بأمره } مطيعة له إلى أرض البدن المتدرب بالطاعة والأدب { التي باركنا فيها } بتثمير الأخلاق والملكات الفاضلة والأعمال الصالحة { وكنا بكل شيء } من أسباب الكمال { عالمين } . { ومن } شياطين الوهم والتخيّل { من يغوصون له } في بحر الهيولى الجسمانية يستخرجون درر المعاني الجزئية { ويعملون عملاً دون ذلك } من التركيب والتفصيل والمصنوعات وبهيج الدواعي المكسوبات وأمثالها { وكنا لهم حافظين } عن الزيغ والخطأ والتسويل الباطل والكذب .