Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 20-25)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وجاء رجل من أقصى المدينة } هو الحبّ الباعث على السلوك في الله الذي يسمونه الإرادة ، وإتيانه من أقصى المدينة : انبعاثه من مكمن الاستعداد عند قتل هوى النفس { يسعى } إذ لا حركة أسرع من حركته يحذره عن استيلائهم عليه وينبهه على تشاورهم وتظاهرهم عند ظهور سلطان الوهم عليه ومقابلته ومماراته ومجادلته له على هلاكه بالإضلال { فاخرج } عن مدينتهم حدود سلطنتهم إلى مقام الروح { إني لك من الناصحين } { فخرج } بالأخذ في المجاهدة في الله ودوام الحضور والمراقبة { خائفاً } من غلبتهم ، متلجئاً إلى الله في طلب النجاة من ظلمهم . { ولما توجه تلقاء مدين } مقام الروح ، غلب رجاؤه على الخوف لقوّة الإرادة وطلب الهداية الحقانية بالأنوار الروحية و التجليات الصفاتية إلى سواء سبيل التوحيد وطريقة السير في الله . { ولما ورد ماء مدين } أي : مورد علم المكاشفة ومنهل علم السرّ والمكالمة { وجد عليه أمّة من الناس } من الأولياء والسالكين في الله والمتوسطين الذين مشربهم من منهل المكاشفة { يسقون } قواهم ومريديهم منه ، أو العقول المقدّسة والأرواح المجرّدة من أهل الجبروت فإنها في الحقيقة أهل ذلك المنهل ، يسقون منه أغنام النفوس السماوية والإنسية وملكوت السموات والأرض { ووجد من دونهم } من مرتبة أسفل من مرتبتهم { امرأتين } هما العاقلتان النظرية والعملية { تذودان } أغنام القوى عنه لكون مشربها من العلوم العقلية والحكمة العملية قبل وصول موسى القلب إلى المناهل الكشفية والموارد الذوقية ولا نصيب لها من علوم المكاشفة { لا نسقي حت يصدر الرعاء } أي : شربنا من فضلة رعاء الأرواح والعقول المقدّسة عند صدورها عن المنهل متوجهة إلينا ، مفيضة علينا فضلة الماء { وأبونا } الروح { شيخ كبير } أكبر من أن يقوم بالسقي { فسقى لهما } من مشرب ذوقه ومنهل كشفه بالإفاضة على جميع القوى من فيضه ، لأن القلب إذا ورد منهلاً ارتوى من فيضه في تلك الحالة جميع القوى وتنوّرت بنوره { ثم تولى } من مقامه { إلى الظل } أي : ظل النفس في مقام الصدر مستحقراً لعلمه المعقول بالنسبة إلى العلوم الكشفية مستمدّاً من فضل الحق ومقامه القدسي والعلم اللدني الكشفي . { فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير } أي : محتاج سائل لما أنزلت إليّ من الخير العظيم الذي هو العلم الكشفي وهو مقام الوجد والشوق ، أي : الحال السريع الزوال وطلبه حتى يصير ملكاً . { فجاءته إحداهما } هي النظرية المتنوّرة بنور القدس التي تسمى حينئذ القوّة القدسية { تمشي على استحياء } لتأثرها منه وانفعالها بنوره { إنّ أبي يدعوك } أشار به إلى الجذبة الروحية بنور القوّة القدسية واللمة الملكية { ليجزيك أجر ما سقيت لنا } أي : ثواب ارتواء القوى الشاغلة الحاجبة من استفاضتك وتنوّرها بنورك فإنها إذا انفعلت بالبارق القدسي ، وارتوت بالفيض السريّ ، سهل الترقي إلى جناب القدس وقوي استعداد القلب للاتصال بالروح لزوال الحجب أو زوال ظلمتها وكثافتها . { فلما جاءه } واتصل به وترقى في مقامه ، وأطلع الروح على حاله { قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } وهو صورة حاله .