Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 76-88)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنّ قارون كان من قوم موسى } عالماً كبلعم بن باعوراء { فبغى عليهم } لاحتجابه بنفسه وعلمه بالتكّبر والاستطالة عليهم ، فغلب عليه الحرص . ومحبّة الدنيا ابتلاء من الله لغروره واحتجابه برؤيته زينة نفسه بكاملها ، فمال هواه إلى الجهة السفلية ، فخسف به فيها محجوباً ممقوتاً . { تلك الدار الآخرة } من العالم القدسيّ الباقي { نجعلها للذين } لا يحتجبون بنفوسهم وصفاتها فتصير فيهم الإرادة الفطرية الطالبة للترقي والعلوّ في سماء الروح هوى نفسانية تطلب الاستعلاء والاستطالة والتكبر على الناس في الأرض ، ويصير صلاحهم بطلب المعارف واكتساب الفضائل والمعالي فساداً يوجب جمع الأسباب والأموال وأخذ حقوق الخلق بالباطل { والعاقبة } للمجرّدين الذين تزّكت نفوسهم عن الرذائل المردية والأهواء المغوية . { إن الذي فرض عليك القرآن } أوجب لك في الأزل عند البداية والاستعداد الكامل الذي هو العقل القرآني الجامع لجميع الكمالات وجوامع الكلم والحكم { لرادّك إلى معاد } ما أعظمه لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره هو الفناء في الله في أحدية الذات والبقاء بالتحقق به بجميع الصفات { قل ربي أعلم من جاء بالهدى } أي : لا يعلم حالي وكنه هدايتي وما أوتيت من العلم اللدني المخصوص به إلا ربي لا أنا ولا غيري ، لفنائي فيه عن نفسي واحتجاب غيري عن حالي { ومن هو في ضلال مبين } من هو محجوب عن الحق لعدم الاستعداد وكثافة الحجاب لكون غيري محجوباً عن حال استعدادي فما علمته بل هو العالم به لا أنا ، لفنائي فيه وتحققي به . { وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب } كتاب العقل الفرقاني بتفصيل ما جمع فيك لكونك في حجب النشأة مغموراً ، وعمّا أودع فيك محجوباً { إلا } أي : لكن ألقى إليك لتجلي صفة الرحمة الرحيمية { من ربّك } وظهور فيضها فيك شيئاً فشيئاً حتى صارت وصفك { فلا تكوننّ ظهيراً للكافرين } المحجوبين باحتجابك بها عن الفناء في الذات ، فتظهر أنائيتك برؤية كمالها { ولا يصدّنك عن آيات الله } وتجليات صفته فتقف مع أنائيتك كوقوفهم مع الغير فتكون من المشركين بالنظر إلى نفسك وإشراكها بالله في الوجود { وادع إلى ربّك } به لا إلى نفسك بها ، فإنك الحبيب ، والحبيب لا يدعو إلى نفسه ولا يكون بنفسه بل إلى حبيبه بحبيبه { لا إله إلاّ هو } فلا تدع معه غيراً لا نفسك ولا غيرها . فمن امتثال قوله : { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } حصل له وصف ما طغى ومن قوله : { ولا تدع مع الله } ، { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ } [ النجم ، الآية : 17 ] . { كل شيء هالك إلاّ وجهه } أي : ذاته ، إذ لا موجود سواه { له الحُكْم } بقهره كل ما سواه تحت صفاته { وإليه تُرْجَعون } بالفناء في ذاته .