Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 3-24)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد فتّنا الذين من قبلهم } من أهل الاستبصار والاستعداد بأنواع المصائب والمحن والرياضات والفتن ، حتى يتميز الصادق في الطلب ، القابل للكمال بظهور كماله من الكاذب المهوّس الضعيف الاستعداد . { من كان يرجو لقاء الله } في أحد المواطن سواء كان موطن الثواب والآثار أو موطن الأفعال أو موطن الأخلاق أو موطن الصفات أو موطن الذات { فإن أجل الله } في إحدى المقامات الثلاثة { لآت } أي : فليتيقن وقوع اللقاء بحسب حاله ورجائه عند الأجل المعلوم ، وليعمل الحسنات ليجد الكرامة في جنة النفس من باب الآثار والأفعال عند الموت الطبيعي ، أو ليجتهد في المحو بالرياضات والمراقبات ليشاهد في جنة القلب من تجليات الصفات ومقامات الأخلاق ما يشتهيه ويدّعيه عند الموت الإرادي ، أو ليجاهد في الله حقّ جهاده بالفناء فيه ليجد روح الشهود وذوق الجمال في جنة الروح عند الموت الأكبر والطامّة الكبرى . { ومن جاهد } في أي مقام كان لأيّ موطن أراد { فإنما يجاهد لنفسه } . { والذين آمنوا } كل واحد من أنواع الإيمان المذكورة { وعملوا الصالحات } بحسب إيمانهم { لنكفرنّ عنهم } سيئات أعمالهم وأخلاقهم ، أو صفاتهم أو ذواتهم بأنوار ذاته { ولنجزينّهم أحسن الذي كانوا يعملون } من أعمالنا الصادرة عن صفاتنا بدل أعمالهم . { ووصينا الإنسان } إلى آخره ، جعل أول مكارم الأخلاق إحسان الوالدين إذ هم مظهرا صفتي الإيجاد والربوبية ، فكان حقّهما يلي حقّ الله بقرن طاعتهما بطاعته لأن العدل ظلّ التوحيد ، فمن وحّد الله لزمه العدل وأول العدل مراعاة حقوقهما لأنهما أولى الناس ، فوجب تقديم حقوقهما على حق كل أحد إلا على حقه تعالى ، ولهذا أوجبت طاعتهما في كل شيء إلا في الشرك بالله .