Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 27-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تُولِج الليل في النهار وتُولج النهار في الليل } تدخل ظلمة النفس في نور القلب فيظلم ، وتدخل نور القلب في ظلمة النفس فتستنير بخلطهما معاً مع بعد المناسبة بينهما { وتُخرج الحيّ } أي : حيّ القلب { من الميت } أي : من ميت النفس ، وميت النفس من حيّ القلب ، بل تخرج حيّ العلم والمعرفة من ميت الجهل ، وتخرج ميت الجهل من حيّ العلم تحجبه عن النور ، كحال بلعم بن باعورا { وترْزق من تَشاء } من النعمة الظاهرة والباطنة جميعاً ، أو من إحداهما { بِغَير حِسَاب } { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوْلِياء من دون المُؤْمنين } إذ لا مناسبة بينهم في الحقيقة ، والولاية لا تكون إلاّ بالجنسية والمناسبة ، فحينئذ لا يمكن أن تكون المحبة بينهم ذاتيّة ، بل مجعولة مصنوعة بالتصنع والرياء والنفاق وهي خصال مبعدة عن الحق إذ كلها حجب ظلمانية ولو لم يكن فيهم ظلمة تناسب حال الكفرة ما قدروا على مخالطتهم ومصاحبتهم { ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء } أي : من ولاية الله في شيء ، معتدّ به ، إذ ليس فيهم نورية صافية يناسبون بها الحضرة الإلهية { إلا أن تتقوا منهم تقاة } أي : إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب أن يتقى ، فتوالوهم ظاهراً ليس في قلوبكم شيء من محبّتهم ، وذلك أيضاً لا يكون إلا لضعف اليقين . إذ لو باشر قلوبهم اليقين لما خافوا إلا الله تعالى وشاهدوا معنى قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِه } [ يونس ، الآية : 107 ] فما خافوا غيره ولم يرجوا غيره ، ولذلك عقبه بقوله : { ويحذركم الله نَفسه } أي : يدعوكم إلى التوحيد العياني كي لا يكون حذركم من غيره بل من نفسه { وإلى الله المصير } فلا تحذروا إلا إيّاه فإنه المطلع على أسراركم وعلانياتكم ، القادر على مجازاتكم إن توالوا أعداءه أو تخافوهم سرّاً أو جهراً .