Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 59-60)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إن مثل عيسى } أي : إنّ صفته عند الله في إنشائه بالقدرة من غير أب { كمثل آدم } في إنشائه من غير أبوين . واعلم أنّ عجائب القدرة لا تنقضي ولا قياس ثمة على أن لتكوّن الإنسان من غير الأبوين نظيراً من عالم الحكمة ، فإن كثيراً من الحيوانات الناقصة الغريبة الخلقة تتولد خلقاً في ساعة ، ثم تتناسل وتتوالد ، فكذا الإنسان ، يمكن حدوثه بالتولد في دور من الأدوار ، ثم بالتولد ، وكذا التكوّن من غير أب ، فإنّ منيّ الرجل أحرّ كثيراً من منيّ المرأة ، وفيه القوة العاقدة أقوى كما في الأنفحة بالنسبة إلى الجبن ، والمنعقدة في منيّ المرأة أقوى ، كما في اللبن فإذا اجتمعا تمّ العقد وانعقد ، ويتكوّن الجنين . فيمكن وجود مزاج إناثيّ قوي يناسب المزاج الذكوري كما يشاهد في كثير من النسوان ، فيكون المتولد في كليتها اليمنى بمثابة منيّ الذكر لفرط حرارته بمجاورة الكبد لِمَن مزاج كبدها صحيح قويّ الحرارة ، والمتولد في كليتها اليسرى بمثابة منيّ الأنثى فإذا احتملت المرأة لاستيلاء صورة ذكورية على خيالها في النوم واليقظة بسبب اتصال روحها بروح القدس وبملك آخر ، ومحاكاة الخيال ، ذلك كما قال تعالى : { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّا } [ مريم ، الآية : 17 ] سبق المنيّان من الجانبين إلى الرحم فتكون في المنصب من الجانب الأيمن قوّة العقد أقوى ، وفي المنصب من الجانب الأيسر قوّة الانعقاد ، فيتكوّن الجنين ويتعلق به الروح . وقوله : { كُنْ فَيَكون } إشارة إلى نفخ الروح وكونه من عالم الأمر ليس مسبوقاً بمادة ومدة ، كخلق الجسد ، فيتناسب آدم وعيسى بما ذكر في اشتراكهما في خرق العادة وبكون جسديهما مخلوقين من تراب العناصر ، مسبوقين بمادة ومدة وكون روحهما مبدعاً من عالم الأمر ليس مسبوقاً بمادة ومدة .