Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 1-7)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الم غلبت الروم } الذات الأحدية مع صفتي العلم والمبدئية كما ذكر ، اقتضت أن روم القوى الروحانية تكون مغلوبة في أقرب موضع من أرض النفس الذي هو الصدر ، لأن فيض المبدأ يوجب إظهار الخلق واحتجاب الحق به ، فكل ما كان أقرب إلى الحق كان مغلوباً بالذي هو أقرب إلى الخلق وذلك حكم الاسم المبدئ في مظهر النشأة وتجليه تعالى به وباسمه الظاهر واسمه الخالق ، وفي الجملة : بما في حضرته المبدئية من الأسماء { وهم من بعد } كونهم مغلوبين { سيغلبون } على فارس القوى النفسانية الأعجمية المحجوبة بالرجوع إلى الله ، وظهور الغلب . { في بضع سنين } من الأطوار التي يكون فيها الترقي إلى الكمال وأوقات الحضور والمقامات والتجليات . { لله الأمر من قبل } بحكم اسمه المبدىء { ومن بعد } بحكم اسمه المعيد ، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه { ويومئذ } أي : يوم غلبة روم الروحانيات على النفسانيات { يفرح المؤمنون بنصر الله } وتأييده من الملكوت السماوية وإمدادهم بالأمداد القدسية { ينصر من يشاء } من أهل عنايته المستعدّين بها { وهو العَزِيز } القويّ الغالب على قهر الفارسيين المحجوبين { الرحِيم } بإضافة الأمداد الكمالية والأنوار التأييدية القدسية على الروميين الغالبين . { وعد الله } في تكميل المستعدّين من أهل عنايته { لا يخلف الله وعده ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون } لاحتجابهم يحسبون أن هذه الغلبة بقوّتهم وكسبهم ، وأنه قد يمكن أنه لا يبلغ المعنى به السعي إلى الكمال لعدم السعي ولا يعرفون أن ذلك المستعدّ أيضاً من توفيقه وعلامة عنايته تعالى به ، وعدم السعي من خذلانه وآية كونه غير معني به ، فإن أعمالنا معرّفات لا موجبات . { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } وأنّ وجوه المكاسب منوطة بسعي العباد وتدبيرهم { وهم } عن الباطن وأحوال العالم الروحاني { هم غافلون } لا يفطنون أن وراء هذه الحياة المنقطعة حياة سرمدية كما قال : { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت ، الآية : 64 ] ، وأنّ وراء تدبير العباد وسعيهم لله تعالى تقديراً وحكماً .