Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 29-34)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ألم تر } أن فلك البدن تجري في بحر الهيولى بإفاضة آثار صفاته من الحياة والقدرة والإدراك عليه وإعداده بالآلات { بنعمة الله } أي : لقبول الكمالات عليه { ليريكم } بهذا الجري والاستعداد من آيات تجليات أفعاله وصفاته { إنّ في ذلك لآيات } من تجليات أفعاله وصفاته ، إذ لا تظهر إلا على هذا المظهر { لكل صبّار } يصبر مع الله في المجاهدة عن ظهور أفعال نفسه وصفاتها لأحكام مقام التوكل والرضا { شكور } يشكر نِعَم التجليات بالقيام بحقها والعمل بأحكام مقام التوكل في تجليات الأفعال وأحكام مقام الرضا في تجليات الصفات ليكون على مزيد من جلاله . { وإذا غشيهم موج } من غلبات صفات النفس ومقتضيات الطبع { كالظلل } كالحجب الساترة لأنوار التجليات { دعوا الله مخلصين له الدين } التجؤوا إلى الله بالإخلاص والقيام بحقه في مقامهم لتنكشف الحجب ببركة الثبات على العمل بالإخلاص ، فإن السالك إذا حجب بالتلوين عن المقام الأعلى وجب عليه التثبيت في المقام الذي دونه مما هو ملك له كالإخلاص بالنسبة إلى التوكل { فلما نجاهم } بالتجلي الفعلي إلى أبرّ مقام التوكل والأمن من الغرق في بحر الهيولى بغلبات النفس { فمنهم مقتصد } ثابت على العدل في القيام بحقوق التوكل والسير في أفعاله تعالى على التمكين { وما يجحد بآياتنا } بإضافة حقوق مقامه في التجليات واحتجابه عنها في التلوينات { إلا كلّ ختار } يغدر في الوفاء بعقد العزيمة وعهد الفطرة مع الله عند الابتلاء بالفترة { كفور } لا يستعمل نِعَم الله في مراضيه ولا يقضي حقوق مقامه في التجليات ، ولا يعمل بأعمال أهل التوكل والرضا عند ظهور أنوار الأفعال والصفات ، أو تلك الشريعة تجري مراكبها في هذا البحر إلى ساحل برّ النجاة وجنّة الآثار ليريكم من آيات تجليات الأفعال . { اتّقوا ربّكم } احذروه في الظهور بأفعالكم وصفاتكم وذواتكم بالفناء فيه عنها { واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده } لانقطاع الوصل عند بروزكم لله المتجلى بالوحدة والقهر ولا يبقى وجود للوالد والولد ، فلا يجزي بعضهم عن بعض شيئاً { فلا تغرّنكم الحياة الدنيا } من الحياة القلبية التي هي أقرب إليكم بأنها حقيقة دائمة فإنه لا حياة لأحد حينئذ { ولا يغرّنكم بالله الغرور } فتظهروا بالأنائية وتحتجبوا بوسوسته فتقعوا في الطغيان . { إنّ الله عنده عِلْم الساعة } الكبرى لفناء الكل فيه حينئذ فكيف بعلومهم { وينزل } غيث ذلك بحسب الاستعدادات قبل الفناء { ويعلم ما في } أرحام الاستعداد من الكمالات أهي تامّة أم لا ؟ أو في أرحام النفوس من أولاد القلوب أهي رشيدة كاملة أم لا ؟ ، { وما تدري نفس ماذا تكسب } من العلوم والمقامات في الزمان المستقبل لاحتجابها عما في استعدادها { وما تدري نفس بأيّ أرض } من أراضي المقامات { تموت } ويفنى استعدادها لانقضاء ما فيها من الكمالات ، لأن علم الاستعدادات وحدودها مما استأثر به الله تعالى لذاته في غيب الغيب ، والله تعالى أعلم .