Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 13-15)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لآتينا كل نفس هداها } بالتوفيق للسلوك مع المساواة في الاستعداد ، ولكنه ينافي الحكمة لبقائهم حينئذ على طبيعة واحدة وبقاء سائر الطبقات الممكنة في حين الإمكان مع عدم الظهور أبداً ، وخلوّ أكثر مراتب هذا العالم عن أربابها فلا تمشي الأمور الخسيسة والدنيئة المحتاج إليها في العالم التي تقوم بها أهل الحجاب والذلّة والقسوة والظلمة ، البعداء عن المحبة والرحمة والنور والعزّة ، فلا ينضبط نظام العالم ولا يتمّ صلاح المهتدين أيضاً لوجوب الاحتياج إلى سائر الطبقات ، فإنّ النظام ينصلح بالمخافي وبالمظاهر فلو كانوا مظاهر كلهم أنبياء وسعداء لاختلّ بعدم النفوس الغلاظ وشياطين الإنس القائمين بعمارة العالم . ألا ترى إلى قوله تعالى : " إني جعلت معصية آدم سبباً لعمارة العالم " ، فوجب في الحكمة الحقّة التفاوت في الاستعداد بالقوة والضعف والصفاء والكدورة والحكم بوجود السعداء والأشقياء في القضاء ليتجلى بجميع الصفات في جميع المراتب ، وهذا معنى قوله : { ولكن حقّ القول مني } أي : في القضاء السابق { لأملأنّ جهنم } الطبيعة { من الجنّة } أي : النفوس الأرضية الخفيّة عن البصر { والناس أجمعين } { فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا } لاحتجابكم بالغشاوات الطبيعية والملابسة البدنية { إنّا نسيناكم } بالخذلان عن الرحمة لعدم قبولكم إياها وإدباركم { وذوقوا عذاب الخُلْد } بسبب أعمالكم ، فعلى هذا التأويل المذكور تكون الخلد مجازاً وعبارة عن الزمان الطويل ، أو يكون الخطاب بذوقوا لمن حقّ عليهم القول في القضاء السابق من الجنّة والناس . { إنما يؤمن } على التحقيق بآيات صفاتنا { الذين إذا ذُكِروا بها خرّوا } لسرعة قبولهم لها بصفاء فطرتهم { سجداً } فانين فيها { وسبّحوا بحمد ربّهم } أي : جرّدوا ذواتهم متّصفين بصفات ربّهم فذاك هو تسبيحهم وحمدهم له بالحقيقة { وهم لا يستكبرون } بظهور صفات النفس والأنائية .