Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-33)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما } خلقاً { باطلاً } لا حق فيها ، بل حقاً محتجباً بصورها لا وجود لها بنفسها فتكون باطلاً محضاً . { ذلك ظنّ } المحجوبين عن الحق بمظاهر الكون { فويل } لهم من نار الحرمان والاحتجاب والتقلّب في نيران الطبيعة والأنائية بأشدّ العذاب . بل لم نجعل { الذين آمنوا } بشهود جماله في مظاهر الأكوان { وعملوا الصالحات } من الأعمال المقصودة بذاتها ، المتعلقة بصلاح العالم ، الصادرة عن أسمائه { كالمفسدين } المحجوبين الفاعلين بأنفسهم وصفاتهم الأفعال البهيمية والسبعية والشيطانية في أرض الطبيعة { أم نجعل المتّقين } المجرّدين عن صفاتهم { كالفجّار } المتلبسين بالغواشي النفسانية والشيطانية في أعمالهم { ليدّبروا آياته } بالنظر العقلي ما داموا في مقام النفس ، فينخلعوا عن صفاتهم في متابعة صفاته { وليتذكر } حال العهد الأول والتوحيد الفطري عند التجرّد { أولو } الحقائق المجرّدة الصافية عن قشر الخلقة . ثم ذكر تلوين سليمان وابتلاءه تأكيداً لتثبيته ، وتقوية له في استقامته وتمكينه { نِعْم العبد } لصلاحية استعداده للكمال النوعي الإنساني وهو مقام النبوّة { إنه أوّاب } رجّاع إليّ بالتجريد . { إذ عرض عليه بالعشيّ } وقت قرب غروب شمس الروح في الأفق الجسماني بميل القلب إلى النفس وظهور ظلمتها بالميل إلى المال واستيلاء محبة الجسمانيات واستحسانها ، كما قال الله تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ } [ آل عمران ، الآية : 14 ] إلى قوله : { وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ } . فإنّ الميل إلى الزخارف الدنيوية والمشتهيات الحسيّة وهوى اللذات الطبيعية والأجرام السفلية يوجب إعراض النفس عن الجهة العلوية ، واحتجاب القلب عن الحضرة الإلهية { الصافنات الجياد } التي استعرضها وانجذب بهواها وأحبها { فقال إني أحببت حب الخير } أي : أحببت منيباً حبّ المال { عن ذِكْر ربّي } مشتغلاً به لمحبتي إياه كما يجب لمثلي أن يشتغل بربّه ذاكراً محبّاً له ، فاستبدلت محبة المال بذكر ربّي ومحبته فذهلت عنه { حتى توارت } شمس الروح بحجب النفس { ردّوها عليّ فطفق مسحاً بالسوق والأعناق } أي : يمسح السيف مسحاً بسوقها يعرقب بعضها وينحر بعضها ، كسراً لأصنام : النفس التي تعبدها بهواها وقمعاً لسورتها وقواها ، ورفعاً للحجاب الحائل بينه وبين الحق واستغفاراً وإنابة إليه بالتجريد والترك .