Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 53-60)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لا تقنطوا من رحمة الله } فإن القنوط علامة زوال الاستعداد والسقوط عن الفطرة بالاحتجاب ، وانقطاع الوصلة من الحق والبعد ، إذ لو بقيت فيه مسكة من النور الأصلي لأدرك أثر رحمته الواسعة السابقة على غضبه بالذات فرجا وصول ذلك الأثر إليه ، وإن أسرف في الميل إلى الجهة السفلية وفرط في جنب الحضرة الإلهية لاتصاله بعالم النور بتلك البقية . وإنما اليأس لا يكون إلا مع الاحتجاب الكلي واسوداد الوجه بالإعراض عن العالم العلويّ ، والتغشي بالغطاء الخلقي المادّي . { إن الله يغفر الذنوب جميعاً } بشرط بقاء نور التوحيد في القلب وهو مستفاد من اختصاص العباد لإفاضتهم إلى نفسه في قوله : { يٰعِبَادِيَ } [ الزمر ، الآية : 53 ] ، ولهذا قيل : يغفر جميعها للأمة المحمدية الموحدين دون سائر الأمم ، كما قال لأمّة نوح عليه السلام : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } [ نوح ، الآية : 71 ] أي : بعضها . { إنه هو الفغور } لهئيات الرذائل من الإفراط والتفريط { الرحيم } بإفاضة الفضائل . { وأنيبوا إلى ربّكم } بالتنصل عن هيئات السوء { وأسلموا له } وجوهكم بالتجرّد عن ذنوب الأفعال والصفات من قبل انسداد باب المغفرة بوقوع العذاب الذي تستحقونه بالموت فلا يمكنكم الإنابة والتسليم لفقدان الآلات وانسداد الأبوب { يا حسرتا على ما فرّطت } بترك السعي في طلب الكمال والتقصير في الطاعة حين كنت في جوار الله ، قريباً منه ، لصفاء استعدادي وتمكّني من السلوك فيه بوجود الآلات البدنية المعدّة لي . { ويوم القيامة } الكبرى { ترى الذين كذّبوا على الله } من المحجوبين الذين يسوّونه بالمخلوقات ، إذ يجسمونه ويجوّزون عليه ما يمتنع عليه من الصفات لاحتجابهم بالموادّ { وجوههم مسودّة } بارتكاب الهيئات الظلمانية ورسوخ الرذائل النفسانية في ذواتهم { أليس في جهنم } الطبيعة الهيولانية { مثوى للكافرين } الذين احتجبوا بصفات نفوسهم المستولية عليهم .