Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا أيها الناس اتّقوا ربّكم } احذروه في انتحال صفته عند صدور الخيرات منكم ، واتخذوا الصفة وقاية لكم في صدور ما صدر منكم من الخير ، وقولوا صدر عن القادر المطلق { الذي خلقكم من نفس واحدة } هي النفس الناطقة الكلية ، التي هي قلب العالم ، وهو آدم الحقيقيّ { وجعل منها زوجها } أي : النفس الحيوانية الناشئة منها . وقيل : إنها خلقت من ضلعه الأيسر من الجهة التي تلي عالم الكون ، فإنها أضعف من الجهة التي تلي الحق ، ولولا زوجها لما أهبط إلى الدنيا . كما اشتهر أنّ إبليس سوّل لها أولاً فتوسل بإغوائها إلى إغواء آدم ولا شك في أنّ التعلق البدنيّ لا يتهيأ إلا بواسطتها { وبثّ منهما رِجالاً كثِيراً } أي : أصحاب قلوب ينزعون إلى أبيهم { ونساء } أصحاب نفوس وطبائع ينزعون إلى أمّهم { واتّقوا الله } في ذاته عن إثبات وجودكم ، واجعلوه وقاية لكم عند ظهور البقية منكم في الفناء في التوحيد حتى لا تحتجبوا برؤية الفناء { الذي تساءَلُونَ به } لا بكم { والأرْحَام } أي : احذروا الأرحام الحقيقية ، أي أقربة المبادئ العالية من المفارقات وأرواح الأنبياء والأولياء في قطعها بعدم المحبة ، واجعلوها وقاية لكم في حصول سعاداتكم وكمالاتكم ، فإنّ قطع الرحم بفقد المحبة ، توجه عن الاتصال والوحدة إلى الانفصال والكثرة ، وهو المقت الحقيقيّ والبعد الكليّ عن جناب الحق تعالى ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " صلة الرحم تزيد في العمر " ، أي : توجب دوام البقاء . واعلم أنّ الرحم من الظاهر صورة الاتصال الحقيقي في الباطن ، وحكم الظاهر في التوحيد كحكم الباطن ، فمن لا يقدر على مراعاة الظاهر فهو أحرى بأن لا يقدر على مراعاة الباطن { إن الله كانَ عليكُم رَقِيباً } يراقبكم لئلا تحتجبوا عنه بظهور صفة من صفاتكم ، أو بقية من بقاياكم فتتعذبوا .