Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 33-35)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومَن أحْسن قولاً } أي : حالاً إذ كثيراً ما يستعمل القول بمعنى الفعل والحال ومنه ، قالوا : { ربنا الله } أي : جعلوا دينهم التوحيد ، ومنه الحديث : " هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا … " أي : اعطى . { ممن دَعَا إلى الله وعَمِل صالحاً وقال إنني من المُسْلمين } أي : ممن أسلم وجهه إلى الله في التوحيد وعمل بالاستقامة والتمكين ، ودعا الخلق إلى الحق للتكميل ، فقدّم الدعوة إلى الحق والتكميل لكونه أشرف المراتب ولاستلزامه الكمال العلمي والعملي ، وإلا لما صحت الدعوة وإن صحت ما كانت إلى الله ، أي : إلى ذاته الموصوفة بجميع الصفات ، فإن العالم الغير العامل إن دعا كانت دعوته إلى العليم ، والعامل الغير العالم إلى الغفور الرحيم ، والعالم العامل والعارف الكامل صحّت دعوته إلى الله . { ولا تستوي الحَسَنة ولا السيئة } لكون الأولى من مقام القلب تجرّ صاحبها إلى الجنّة ومصاحبة الملائكة ، والثانية من مقام النفس تجرّ صاحبها إلى النار ومقارنة الشياطين { ادْفع بالتي هي أحْسَن } إذا أمكنك دفع السيئة من عدوّك بالحسنة التي هي أحسن ، فلا تدفعها بالحسنة التي دونها ، فكيف بالسيئة ؟ ! ، فإن السيئة لا تندفع بالسيئة بل تزيد وتعلو ارتفاع النار بالحطب ، فإن قابلتها بمثلها كنت منحطاً إلى مقام النفس ، متّبعاً للشيطان ، سالكاً طريق النار ، ملقياً لصاحبك في الأوزار وجاعلاً له ولنفسك من جملة الأشرار ، متسبباً لازدياد الشرّ معرضاً عن الخير . وإن دفعتها بالحسنة سكنت شرارته وأزلت عداوته وتثبت في مقام القلب على الخير ، وهديت إلى الجنة وطردت الشيطان ، وأرضيت الرحمن وانخرطت في سلك الملكوت ومحوت ذنب صاحبك بالندامة . وإن دفعتها بالتي هي أحسن ناسبت الحضرة الرحيمية بالرحموت وصرت باتصافك بصفاته تعالى من أهل الجبروت وأفضت من ذاتك فيض الرحمة على صاحبك فصار { كأنه وليّ حميم } ولأمر ما قال النبي عليه السلام : " لو جاز أن يظهر البارىء لظهر بصورة الحلم " ، ولا يلقي هذه الخصلة الشريفة والفضيلة العظيمة { إلاَّ الذين صَبروا } مع الله ، فلم يتغيروا بزلّة الأعداء لرؤيتهم منه تعالى وتوكلهم عليه واتّصافهم بحلمه أو طاعتهم لأمره { وما يلقاها إلاَّ ذو حظ عظيم } من الله بالتخلّق بأخلاقه .