Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-53)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما كانَ لبشر أن يكلمه الله إلاَّ وحياً } أي : إلا بثلاثة أوجه ، إما بوصوله إلى مقام الوحدة والفناء فيه ثم التحقق بوجوده في مقام البقاء فيوحي إليه بلا واسطة كما قال الله تعالى : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [ النجم ، الآيات : 8 - 10 ] . { أو من وراء حجاب } بكونه في حجاب القلب ومقام تجليات الصفات فيكلمه على سبيل المناجاة والمكالمة والمكاشفة والمحادثة دون الرؤية لاحتجابه بحجاب الصفات كما كان حال موسى عليه السلام { أو يرسل رَسُولاً } من الملائكة فيوحي إليه على سبيل الإلقاء والنفث في الروع والإلهام أو الهتاف أو المنام كما قال عليه السلام : " إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها " ، { إنَّه علي } من أن يواجه ويخاطب ، بل يفنى ويتلاشى من يواجهه لعلوه من أن يبقى معه غيره ويحتمل شيء حضوره { حَكِيم } يدبّر بالحكمة وجوه التكليم ليظهر علمه في تفاصيل المظاهر ويكمل به عباده ويهتدوا إليه ويعرفوه . ومثل ذلك الإيحاء على الطرق الثلاثة : { أوحينا إليك روحاً } تحيا به القلوب الميتة { من } عالم { أمرنا } المنزّه عن الزمان المقدّس عن المكان { ما كنت تدري ما الكتاب } أي العقل الفرقاني الذي هو كمالك الخاص بك { ولا الإيمان } أي : الخفي الذي حصل لك عند البقاء بعد الفناء حال كونك محجوباً باغواشي نشأتك وحال وصولك لفنائك وتلاشي وجودك { ولكن جعلناه نوراً } عند استقامتك { نهدي به من نشاء من عِبَادنا } المخصوصين بالعناية الأزلية ، إما المحبوبين وإما المحبين { وإنك } أيُّها الحبيب { لتهدي } بنا من تشاء { إلى صراطٍ مستقيم } لا يبلغ كنهه ولا يدرى وصفه . { صِرَاط الله } المخصوص به ، أي : طريق التوحيدي الذاتي الشامل للتوحيد الصفاتي والأفعالي المسمى توحيد الملك ، أعني سير الذات الأحدية مع جميع الصفات الظاهرة ، والباطنة بمالكية سموات الأرواح وأرض الجسم المطلق { ألا إلى الله تَصِير الأمور } بالفناء فيه ، فينادي بذاته : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [ غافر ، الآية : 16 ] ويجيب هو نفسه بقوله : { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر ، الآية : 16 ] ، والله تعالى أعلم .