Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم بأول الوجود وهو الحق وآخره وهو محمد وما أجل قسماً بما هو أصل الكل وكماله ، ولهذا كانت الشهادة بهما أساس الإسلام وعماد الإيمان والجمع بينهما هو المذهب الحق والملّة القويمة . فإنّ أحدية الوجود والتأثير هو الجبر وإثبات التفصيل في الوجود والتأثير هو القدر ، والجمع بينهما بقولنا : لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله ، هو الصراط المستقيم ، والدِّين المتين . أو بما يناسب الكتاب وهو اللوح والقلم لقوله تعالى : { نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } [ القلم ، الآية : 1 ] وقد يكنى عن الكلمة بآخرها كما يكنى عنها بأولها . فعلى الوجه الأول يمكن أن يؤوّل الكتاب بنفس محمد لكونه مبيناً للحق جمعاً وتفصيلاً وكونه منزّلاً من عند الله { قرآناً } أي : جامعاً لجميع تفاصيل الوجود ، حاصراً للصفات الإلهية والمراتب الوجودية والكمالية { عربيّاً لعلّكم تعقلون } ما نخاطبكم به . { وإنّه في أمّ الكتاب } أي : أصل الوجود في الرتبة الأولى وأول نقطة الوجود الإضافي الممتاز بالتعين الأول عن الوجود المطلق التالي للهوية المحضة المشار إليه بقوله : { لدينا لعلي } رفيع القدر بحيث لا رفعة وراءها { حكيم } ذو الحكمة إذ به ظهرت صور الأشياء وحقائقها أعيانها وصفاتها وترتيب الموجودات ونظامها على ما هي عليه . وأما على الوجه الثاني فلا يستقيم هذا التأويل ، بل هو القرآن المبين للتوحيد والتفصيل الدال عليهما ، المقسم به إجمالاً { وإنه في أمّ الكتاب } أي : الروح الأعظم المشتمل على كل العلوم بل كل الأشياء لدينا قريباً منا أقرب من سائر العلوم الحاصلة في مراتب التنزلات . فإن العلم اللدني هو الذي أنتقش في الروح الذي هو أول الأرواح قبل تنزّله في المراتب ، وكون القرآن ذا الحكمة كونه مشتملاً على الحكمة النظرية المفيدة للاعتقادات الحقّة من التوحيد والنبوّة وبيان أحوال المعاد وأمثالها ، فالحكمة العملية من بيان أحكام أفعال المكلفين كالشرائع وكيفية السلوك في المراتب وأحوال المكاسب والمواهب .