Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 28-37)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وترى } يا موحد { كل أمّة جاثية } لا حراك بها إذ هي بنفسها ميتة غير قادرة كما قال : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [ الزمر ، الآية : 30 ] أو تراها جاثية في الموقف الأول وقت البعث قبل الجزاء على حالها في النشأة الأولى عند الاجتنان وفيه سرّ . { كل أمّة تدعى إلى كِتابها } أي : اللوح الذي أثبت فيه أعمالها وتجسدت صورها وانتقشت فيه على هيئة جسدانية فإن كتابة الأعمال إنما تكون في أربعة ألواح أحدها : اللوح السفلي الذي يدعى إليه كل أمّة ويعطى بيمين من كان سعيداً وشمال من كان شقيّاً ، والثلاثة الأخرى سماوية علوية أشير إليها فيما قبل . وإنما قلنا هذا الكتاب هو اللوح السفلي لأن الكلام ههنا في جزاء الأعمال لقوله : { اليوم تجزون ما كنتم تعملون } وقوله : { إنّا كنا نَسْتَنْسخ ما كنتم تعملون } والناسخون هم الملكوت السماوية والأرضية جميعاً { فأمّا الذينَ آمنوا } الإيمان الغيبي التقليدي أو اليقيني العلمي { وعَملوا } ما صلح به حالهم في المعاد الجسماني من أبواب البرّ { فيدخلهم ربّهم في } رحمة ثواب الأعمال في جنّة الأفعال { وأمّا الذين كَفَروا } احتجبوا عن الحق بالكفر الأصلي والانغماس في الهيئات الجرمانية المظلمة بالإجرام بدليل قوله : { اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا } أي : نترككم في العذاب كما تركتم العمل للقائي في يومكم هذا لعدم اعترافكم ، أو نعجلكم كالشيء المنسيّ المتروك بالخذلان في العذاب كما نسيتم لقاء يومكم هذا بنسيان العهد الأزلي . { فللّه الحَمْد } الكمال المطلق الحاصل للكل ببلوغ الأشياء إلى غاياتها وحصولها على أجلّ ما يمكن من كمالاتها { ربّ السموات } مكمل الأرواح ومدبرها { وربّ الأرض } مدبر الأجساد ومالكها ومصرّفها { ربّ العالمين } موجه العالمين إلى كمالاتهم بربوبيته إياهم { وله الكبرياء } أي : استعلاء ونهاية الترفع والكبر على كل شيء وغاية العلو والعظمة باستغنائه عنه وافتقاره إليه ، فكل يحمده بإظهار كماله وجميع صفاته بلسان حاله ويكبره بتغيره وإمكانه وانخراطه في سلك المخلوقات المحتاجة إليه الفانية بالذات القاصرة عن سائر الكمالات غير ما اختصّ به { وهو العزيزُ } القوي القاهر لكل شيء بتأثيره فيه وإجباره على ما هو عليه { الحكيم } المرتب لاستعداد كل شيء بلطف تدبيره ، المهيىء لقبوله لما أراد منه من صفاته بدقيق صنعته وخفيّ حكمته .