Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-120)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أأنت } دعوت الناس إلى نفسك وأمّك أو إلى مقام قلبك ونفسك فإنّ من بقي فيه وجود الأنائية وبقية النفس والهوى ، أو كان فيه تلوين بوجود القلب وظهوره بصفته يدعو الخلق إما إلى مقام نفسه وإما إلى مقام قلبه لا إلى الحق { قال سُبْحانك } تنزيه لله عن الشريك وتبرئة له عن وجود البقية { ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } فإني لا وجود لي بالحقيقة فلا ينبغي ولا يصح أن أقول قولاً ليس لي ذلك القول بالحقيقة ، فإن القول والفعل والصفة والوجود كلها لك { إن كنت قلته فقد علمته } أي : إن كان صدر مني قول فعن علمك ولا وجود لما لا تعلم وما وجد بعلمك وجد { تعلم ما في نفسي } لإحاطتك بالكلّ ، فعلمي بعض علمك { ولا أعلم ما في نفسك } أي : ذاتك لأني لا أحيط بالكلّ { ما قلت لهم } وما أمرتهم إلا ما كلفتني قوله وألزمتني إياه { أن اعْبدوا الله ربي وربكم } أي : ما دعوتهم إلا إلى الجمع في صورة التفصيل وهو الذي نسبة ربوبيته إلى الكل سواء فغلطوا فما رأوه إلا في بعض التفاصيل لضيق وعائهم { وكنت عليهم شهيداً } رقيباً حاضراً أراعيهم وأعلمهم { ما دُمْت فيهم } أي : ما بقي مني وجود بقية { فلما توفيتني } أفنيتني بالكلية بك { كنت أنت الرقيب عليهم } لفنائي فيك { وأنت على كل شيء شهيد } حاضر ، يوجد بك ، وإلا لم يكن ذلك الشيء . { إن تعذبهم } بإدامة الحجاب { فإنهم عِبَادك } أحقاء بالحجب والحرمان وأنت أولى بهم تفعل بهم ما تشاء { وإن تغفر لهم } برفع الحجاب { فإنك أنت العزيز } القوي القادر على ذلك لا تزول عزتك بتقريبهم ورفع حجابهم { الحكيم } تفعل ما تفعله من التعذيب بالحجب والحرمان والتقريب باللطف والغفران بحكمتك البالغة { هذا يوم } نفع صدقك إياك ، وصدق كل صادق لكونه خميرة الكمالات وخاصية الملكوت { لهم جنات } الصفات بدليل ثمرة الرضوان فإنّ الرضا لا يكون إلا بفناء الإرادة ولا تفنى إرادتهم إلا إذا غلبت إرادة الله عليهم فأفنتها ، ولهذا قدّم رضوان الله عنهم على رضوانهم عنه ، أي : لما أرادهم الله تعالى في الأزل بمظهرية إرادته ومحل رضوانه ورضي بهم محلاً وأهلاً لذلك سلب عنهم إرادتهم بأن جعل إرادته مكانها وأبدلهم بها فرضي عنهم وأرضاهم { ذلِكَ الفوز العَظِيم } أي : الفلاح العظيم الشأن ولو كان فناء الذات لكان الفوز الأكبر والفلاح الأعظم . له ما في العالم العلويّ والسفليّ باطنه وظاهره { وما فيهنّ } أسماؤه وصفاته وأفعاله { وهو على كل شيء قدير } إن شاء أفنى بظهور ذاته ، وإن شاء أوجد بتستره بأسمائه وصفاته .