Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 82-86)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لتجدنّ } إلى آخره ، الموالاة والمعاداة إنما يكونان بحسب المناسبة والمخالفة ، فكل من والى أحداً دلّ على رابطة جنسية بينهما ، وكل من عاداه دلّ على مباينة ومضادّة بينهما . ولما كان اليهود محجوبين عن الذات والصفات ولم يكن لهم إلا توحيد الأفعال كانت مناسبتهم مع المحجوبين المشركين مطلقاً أقوى من مناسبتهم مع المؤمنين الموحدين مطلقاً . ولما كان النصارى برزوا من حجاب الصفات ولم يتولهم إلا حجاب الذات كانت مناسبتهم مع المؤمنين أقوى ، فلذلك كانوا أقرب مودّة لهم من غيرهم . والمشركون واليهود أشدّ عداوة لقوّة حجابهم ، أما ترى كيف علل قربهم في المودة بعلمهم وعبادتهم وعدم استكبارهم ؟ ، فإن العبادة توصل إلى جنة الأفعال لتجرّدهم فيها عن أفعال نفوسهم فاعلين ما أمر الله ، والعلم يوصل إلى جنة الصفات لتنزّههم به عن جنة النفوس والوصول إلى مقام القلب الذي هو محل المكاشفة وقبول العلم الإلهي ، وعدم الاستكبار يدل على أنهم ما رأوا نفوسهم موصوفة بصفات العبادة والعلم ولا نسبوا فعلهم وعلمهم إليها بل إلى الله وإلا استكبروا وأظهروا العجب . { ترى أعينهم تفيض من الدمع } شوقاً إلى ما عرفوا من توحيد الذات لأنهم كانوا أهل رياضة وذوق فهاجت نفوسهم بسماع الوحي وذكروا الوحدة { مما عرفوا من الحق } بصفاته أو سمعوا من الحق كلامه ، فبكوا اشتياقاً كما قال : @ ويبكي إن نأوا شوقاً إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق @@ { آمنا } بالتوحيد الذاتي إيماناً عينياً فاجعلنا من { الشاهدين } الحاضرين الذين مقامهم الشهود الذاتي واليقين الحقيّ ، وإيماناً علمياً يقينياً فاجعلنا مع المعاينين { وما لنا لا نؤمن } إيماناً حقيقياً بذاته وما جاءنا من كلامه أو لا نؤمن بالله جمعاً { وما جاءنا من الحق } تفصيلاً { مع القوم الصالحين } الذي استقاموا بالبقاء بعد { جنات تجري من تحتها الأنهار } من التجليات الثلاث مع علومها { وذلك جزاء المحسنين } المشاهدين للوحدة في عين الكثرة بالاستقامة في الله . { والذين } حجبوا عن الذات { وكذّبوا } بآيات الصفات { أولئك أصحاب } الحرمان الكليّ في جحيم صفات النفوس .