Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 17-19)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إذ يتلقى المتلقيان } أي : يعلم حديث نفسه الذي يوسوس به نفسه وقت تلقي المتلقيين مع كونه أقرب إليه منهما ، وإنما تلقيهما للحجة عليه وإثبات الأقوال والأعمال في الصحائف النورية للجزاء ، والمتلقي القاعد عن اليمين هو القوة العاقلة العملية المنتقشة بصور الأعمال الخيرية المرتسمة بالأقوال الحسنة الصائبة ، وإنما قعد عن يمينه لأن اليمين هي الجهة القوية الشريفة المباركة وهي جهة النفس التي تلي الحق ، والمتلقي القاعد عن الشمال هو القوة المتخيلة التي تنتقش بصور الأعمال البشرة البهيمية والسبعية والآراء الشيطانية الوهمية والأقوال الخبيثة الفاسدة . وإنما قعد عن الشمال لأن الشمال وهي الجهة الضعيفة الخسيسة المشؤومة وهي التي تلي البدن ، ولأن الفطرة الإنسانية خيّرة بالذات لكونها من عالم الأنوار مقتضية بذاتها وغريزتها الخيرات والشرور إنما هي أمور عرضت لها من جهة البدن وآلاته وهيئاته ، يستولي صاحب اليمين على صاحب الشمال ، فكلما صدرت منه حسنة كتبها له في الحال وإن صدرت منه سيئة منع صاحب الشمال عن كتابتها في الحال انتظاراً للتسبيح أي : التنزيه عن الغواشي البدنية والهيئات الطبيعية بالرجوع إلى مقره الأصل وسنخه الحقيقي وحاله الغريزي لينمحي أثر ذلك الأمر العارضي بالنور الأصلي والاستغفار ، أي : التنوّر بالأنوار الروحية والتوجه إلى الحضرة الإلهية لنمحي أثر تلك الظلمة العرضية بالنور الوارد كما قال عليه الصلاة والسلام : " كاتب الحسنات على يمين الرجل ، وكاتب السيئات على يساره ، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشراً ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب اليسار : دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر " { وجاءت سكرة الموت } أي : شدّته المحيرة الشاغلة للحواس المذهلة للعقل { بالحق } بحقيقة الأمر الذي غفل عنه من أحوال الآخرة والثواب والعقاب ، أي : أحضرت السكرة التي منعت المحتضر عن الإدراكات الخارجية أحواله الباطنة وأظهرت عليه { ذلك ما كنت } أيها المحتضر { منه تحيد } أي : تميل إلى الأمور الظاهر وتذهل عنها .