Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 1-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذا وقَعَت الواقعة } أي : القيامة الصغرى { ليس لِوَقعتها } نفس تكذب على الله أن البعث وأحوال الآخرة لا تكون ، لأن كل نفس تشاهد أحوالها من السعادة والشقاوة { خافضة رافعة } تخفض الأشقياء إلى الدركات وترفع السعداء إلى الدرجات . { إذا رجَت } أي : حركت وزلزلت أرض البدن بمفارقة الروح تحريكاً يخرج به جميع ما فيها وينهدم معه جميع أعضائه { وبُست } أي : فتتت جبال العظام بصيرورتها رميماً ورفاتاً أو سيقت وأذهبت حتى صارت { هباء منبثاً * وكنتم أزواجاً ثلاثة } السعداء الذين هم الأبرار والصلحاء من الناس ، والأشقياء الذين هم الأشرار والمفسدون من الناس . وإنما سمى الأولون أصحاب الميمنة لكونهم أهل اليمن والبركة أو لكونهم متوجهين إلى أفضل الجهتين وأقواهما التي هي الجهة العليا وعالم القدس ، وسمى الآخرون أصحاب المشأمة لكونهم أهل الشؤم والنحوسة أو لكونهم متوجهين إلى أرذل الجهتين وأضعفهما التي هي الجهة السفلى وعالم الحسّ . { والسابقون } الموحدون الذين سبقوا الفريقين وجاوزوا العالمين بالفناء في الله { السابقون } أي : الذين لا يمكن مدحهم والزيادة على أوصافهم { أولئك المقربون } حال التحقق بالوجود الحقاني بعد الفناء { في جنّات النعيم } من جميع مراتب الجنان { ثلة } أي : جماعة كثيرة { من الأولين } أي : المحبوبين الذي هم أهل الصف الأول من صفوف الأرواح ، أهل العناية الأولى في الأزل { وقليل من الآخرين } أي : المحبين الذين تتأخر مرتبتهم عن مرتبة المحبوبين أهل الصف الثاني ، ووصفوا بالقليل لأن المحب قلما يدركه شأو المحبوب ويبلغ غايته في الكمال بل أكثرهم في جنات الصفات واقفين في درجات السعداء ، والمحبوبون كلهم في جنة الذات بالغين أقصى الغايات ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الثنتان جميعاً من أمتي " ، أي : ليس الأولون من أمم المتقدمين والآخرون من أمّته عليه السلام ، بل العكس أولى أو ثلة من أوائل هذه الأمة الذين شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأدركوا طراوة الوحي في زمانه أو قاربوا زمانه وشاهدوا من صحبه من التابعين ، والآخرون هم الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم في آخر دور الدعوة وقرب زمان خروج المهدي عليه السلام لا الذين هم في زمانه ، فإن السابقين في زمانه أكثر لكونهم أصحاب القيامة الكبرى وأهل الكشف والظهور .