Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 129-150)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً } أي : مثل ذلك الجعل العظيم الهائل نجعل بعضهم ولي بعض بتوافق مكاسبهم وتناسبها ، فيتوالون ويحشرون معاً في العذاب كالجنّ والإنس الذين ذكرناهم أو نجعل بعضهم والى بعض بتعذيبه بمكسوباته في النار { رسل منكم } من البشر الذين هم جنسكم وعلى التآويل المذكورة من عقولكم التي هي قوى من جنسكم وهذه الأسئلة والأجوبة والشهادات كلها بلسان الحال وإظهار الأوصاف ، كما قيل : @ قال الجدار للوتد : لم تشّقني ؟ قال الوتد : سَلْ من يدقني @@ وكشهادة الأيدي والأرجل بصورها التي تناسب هيآت أفعالها وتعذبها بها { ذلك } إشارة إلى إرسال الرسل وتبيين الآيات وإلزام الحجة بالإنذار والتهديد ، أي : الأمر ذلك لأن ربّك لم يكن مهلك القرى على غفلتهم ظالماً لأنه ينافي الحكمة . { ولكلٍ دَرَجَات } في القرب والبعد من أعمالهم التي عملوها { إن يشأ يُذْهبكم } بفناء عينكم { ويَسْتَخْلف من بَعْدكم } من أهل طاعته برحمته { ذلك } أي : تحريم الطيبات عليهم جزاء { جازيناهم } بظلمهم { وإنّا لصادقون } في إيعادهم بجزاء الظلم { فإن كذبوك } بأن الله واسع المغفرة فلا يعذبنا بظلمنا { فقل } بلى { ربكم ذو رحمة واسعة } ولكنه ذو قهر شديد فلا تردّ رحمته بأسه { عن القوم المجرمين } بل ربما أودع قهره في صورة لطفه ولطفه في صورة قهره { كذلك كذّب الذين من قبلهم } أي : كذّب المنكرون الرسل من قبلهم بتعليق كفرهم بمشيئة الله عناداً وعتوّاً فعذبوا بكفرهم . { قُلْ هل عندكم من عِلْمٍ فتخرِجُوه لنا } أي : إن كان لكم علم بذلك وحجة فبينوا ، وإنما قال ذلك إشارة إلى قولهم : { لو شاء الله ما أشركنا } لأنهم لو قالوا ذلك عن علم لعلموا أن إيمان الموحدين وكل شيء لا يقع إلا بإرادة الله فلم يعادوهم ولم ينكروهم ، بل والوهم ، ولم يبق بينهم وبين المؤمنين خلاف . ولعمري إنهم لو قالوا ذلك عن علم لما كانوا مشركين ، بل كانوا موحدين ولكنهم اتّبعوا الظن في ذلك وبنوا على التقدير والتخمين لغرض التكذيب والعناد ، وعلى ما سمعوا من الرسل إلزاماً لهم وإثباتاً لعدم امتناعهم عن الرسل لأنهم محجوبون في مقام النفس ، وأنّى لهم اليقين ؟ ومن أين لهم الاطلاع على مشيئة الله ؟ . { قل فلله الحجّة البالغة } أي : إن كان ظنكم صدقاً في تعليق شرككم بمشيئة الله فليس لكم حجة على المؤمنين وعلى غيركم من أهل دين ، لكون كل دين حينئذ بمشيئة الله ، فيجب أن توافقوهم وتصدّقوهم بل لله الحجة عليكم في وجوب تصديقهم وإقراركم بأنكم أشركتم بمن لا يقع أمر إلا بإرادته ما لا أثر لإرادته أصلاً فأنتم أشقياء في الأزل ، مستحقون للبعد والعقاب { فلو شاء لهداكم أجمعين } أي : بلى صدقتم ، ولكن كما شاء كفركم لو شاء لهداكم كلكم ، فبأي شيء علمتم أنه لم يشأ هدايتكم حتى أصررتم ؟ وهذا تهييج لمن عسى أن يكون له استعداد منهم فيقمع ويهتدي فيرجع عن الشرك ويؤمن .