Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-165)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قل إنني هداني ربّي إلى صراط مستقيم } إلى طريق التوحيد الذاتي { ديناً قيماً } ثابتاً أبداً لا تغيره الملل والنِحل ولا تنسخه الشرائع والكتب { ملّة إبراهيم } التي أعرض بها عن كل ما سواه بالترقي عن جميع المراتب مائلاً عن كل دين وطريق باطل فيه شرك ما ، ولو بصفة من صفات الله تعالى . { قل إن صلاتي } أي : حضوري بالقلب وشهودي بالروح { ونسكي } أي : تقرّبي أو كل ما أتقرّب به بالقلب { ومحياي } بالحق { ومماتي } بالنفس كلها { لله } لا نصيب لي ولا لأحد غيري فيها لأني قمت به له بالفناء فلا وجود لي ولا لغيري حتى يكون لي حظ ونصيب { ربّ العالمين } أي : له باعتبار الجمع في صورة تفاصيل الربوبية { لا شريك له } في ذلك جمعاً وتفصيلاً { وبذلك أُمرت } أي : أُمرت أن لا أرى غيره في عين الجمع ولا في صورة التفاصيل حتى أعمل له كما وصفني تعالى بقوله : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [ النجم ، الآية : 17 ] فهو الآخر والمأمور ، والرائي والمرئي { وأنا أوّل المسلمين } المنقادين للفناء فيه بإسلام وجهي له باعتبار الرتبة في تفاصيل الذات وإلا فلا أول ولا آخر ولا مسلم ولا كافر . { قل أغير الله } الذي هذا شأنه { أبغي ربّاً } فأطلب مستحيلاً أو غير الذات الشامل لجميع الصفات الذي هو الكل من حيث هو كل أبغي متعينا فيكون مربوباً لا ربّاً { وهو ربّ كل شيء } وما سواه باعتبار تفاصيل صفاته مربوب { ولا تكسب كل نفس } شيئاً { إلاّ } هو وبال { عليها } إذ كسب النفس شرك في أفعاله تعالى ، وكل من أشرك فوباله عليه باحتجابه { ولا تزر وازرة وِزْر أخرى } لرسوخ هيئة وزرها فيها ولزومه إياها تحتجب هي به ، فكيف يتعدّى إلى غيرها . { وهو الذي جعلكم خلائف } في أرضه بإظهار كمالاته في مظاهركم ليمكنكم إنفاذ أمره { ورفع بعضكم فوق بعض درجات } في مظهرية كمالاته على تفاوت درجات الاستعدادات ، { ليبلوكم فيما آتاكم } من كمالاته بحسب الاستعدادات من يقوم بحقوق ما ظهر منها عليه ومن لا يقوم ، ومن يقوم بحقي في سلوك طريقها حتى يظهرها الله بإخفاء صفات نفسه فيكون مؤدّياً لأمانات الله ومن لا يقوم فيكون خائناً وتظهر عليكم أعمالكم بحسبها فيترتب عليها الجزاء معاً ، إما بمثوبة الاحتجاب حالة التقصير فيكون ربّك سريع العقاب ، وإما بمثوبة البروز والانكشاف فيكون غفوراً يستر أفعالكم وصفات نفوسكم الساترة الحاجبة لتلك الصفات الإلهية والكمالات الربانية ، رحيماً يرحمكم بإظهارها عليكم ، والله أعلم بحقائق الأمور .