Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ن } هو النفس الكليّة { والقلم } هو العقل الكلي والأول من باب الكناية بالاكتفاء من الكلمة بأول حروفها ، والثاني من باب التشبيه إذ تنتقش في النفس صور الموجودات بتأثير العقل كما تنتقش الصور في اللوح بالقلم { وما يَسْطرون } من صور الأشياء وماهياتها وأحوالها المقدّرة على ما يقع عليها ، وفاعل ما يسطرون الكتبة من العقول المتوسطة والأرواح القدّسة وإن كان الكاتب في الحقيقة هو الله تعالى ، لكن لما كان في حضرة الأسماء نسب إليها مجازاً ، أقسم بهما وبما يصدر عنهما من مبادىء الوجود وصور التقدير الإلهي ومبدأ أمره ومخزن غيبه لشرفهما وكونهما مشتملين على كل الوجود في أول مرتبة التأثير والتأثر ومناسبتهما للمقسم عليه . { ما أنت بنعمة ربّك بمجنون } أي : ما أنت بمستور العقل مختلّ الإدراك في حالة كونك منعماً عليك بنعمة الاطلاع على هذا المسطور بهما فإنه لا أعقل ممن اطلع على سرّ القدر وأحاط بحقائق الأشياء في نفس الأمر . { وإنّ لك لأجراً } من أنوار المشاهدات والمكاشفات من هذين العالمين { غير } مقطوع لكونه سرمدياً غير مادي فلا يتناهى وهم مادّيون محجوبون عنه ، متضادّون إياك في الحال والوجة ، فلهذا ينسبونك إلى الجنون لانحصار عقولهم وأفكارهم في المادّيات . { وإنك لعلى خلق عظيم } لكونك متخلقاً بأخلاق الله متأيداً بالتأييد القدسي فلا تتأثر بمفترياتهم ولا تتأذى بمؤذياتهم إذ بالله تصبر لا بنفسك كما قال : { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } [ النحل ، الآية : 127 ] .