Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 1-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ المص كتاب أُنزل إليكَ } - إلى قوله - { ذكرى للمؤمنين } ( ا ) إشارة إلى الذات الأحدية ، و ( ل ) إلى الذات مع صفة العلم كما مرّ ، و ( م ) إلى التميمة الجامعة التي هي معنى محمد ، أي : نفسه وحقيقته ، و ( ص ) إلى الصورة المحمدية التي هي جسده وظاهره . وعن ابن عباس ، أنه قال صلى الله عليه وسلم : " جبل بمكة كان عليه عرش الرحمن حين لا ليل ولا نهار " ، أشار بالجبل إلى جسد محمد ، وبعرش الرحمن إلى قلبه . كما ورد في الحديث : " قلب المؤمن عرش الله " وجاء : " لا يسعني أرضي ولا سمائي ، ويسعني قلب عبدي المؤمن " وقوله : " حين لا ليل ولا نهار " إشارة منه إلى الوحدة ، لأن القلب إذا وقع في ظل أرض النفس واحتجب بظلمة صفاتها كان في الليل ، وإذا طلع عليه نور شمس الروح واستضاء بضوئه كان في النهار ، وإذا وصل إلى الوحدة الحقيقية بالمعرفة والشهود الذاتي واستوى عنده النور والظلمة كان وقته لا ليلاً ولا نهاراً ، ولا يكون عرش الرحمن إلا في هذا الوقت . فمعنى الآية : إنّ وجود الكلّ من أوله إلى آخره { كتاب أُنْزِل إليك } أي : أنزل إليك علمه { فلا يكن في صدرك حرج منه } أي : ضيق من حمله ، فلا يسعه لعظمته فيتلاشى بالفناء في الوحدة والاستغراق في عين الجمع والذهول عن التفصيل ، إذ كان عليه السلام في مقام الفناء محجوباً بالحق عن الخلق كلما رد عليه الوجود ، وحجب عنه الشهود الذاتي وظهر عليه بالتفصيل ، ضاق عنه وعاؤه وارتكب عليه وزر وثقل ، ولهذا خوطب بقوله تعالى : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } [ الشرح ، الآيات : 1 - 2 ] بالوجود الموهوب الحقاني ، والاستقامة في البقاء بعد الفناء بالتمكين ليسع صدرك الجمع والتفصيل والحق والخلق ، فلم يبق عليك وزر في عين الجمع ولا حجاب بأحدهما عن الآخر { لتُنْذر به } وتذكر تذكيراً { للمؤمنين } بالإيمان الغيبي ، أي : لا يضق صدرك منه ليمكنك الإنذار والتذكير ، إذ لو ضاق لبقي في حال الفناء ، لا يرى إلا الحق في الوجود وينظر إلى الحق بنظر العدم المحض فكيف ينذر ويذكر ويأمر وينهى . على تقدير القسم . فمعناه بالكل من أوّله إلى آخره ، أو باسم الله الأعظم إذ ( ص ) حامل العرش والعرش يسع الذات والصفات والمجموع هو الاسم الأعظم ، لهو كتاب أُنزل إليك علمه ، أو : لهذا القرآن كتاب أنزل إليك .