Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذي المعارج } أي : المصاعد وهي مراتب الترقي من مقام الطبائع إلى مقام المعادن بالاعتدال ، ثم إلى مقام النبات ، ثم إلى الحيوان ، ثم إلى الإنسان في مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ، ثم في منازل السلوك كالانتباه واليقظة والتوبة والإنابة إلى آخر ما أشار إليه أهل السلوك من منازل النفس ومناهل القلب ، ثم في مراتب الفناء في الأفعال والصفات إلى الفناء في الذات مما لا يحصى كثرة . فإن له تعالى بإزاء كل صفة مصعداً بعد المصاعد المتقدمة على مقام الفناء في الصفات . { تعرج الملائكة } من القوى الأرضية والسماوية في وجود الإنسان { والروح } الإنساني إلى حضرته الذاتية الجامعة في القيامة الكبرى { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } أي : في الأدوار المتطاولة والدهورالمتمادية من الأزل إلى الأبد لا المقدار المعين . ألا ترى إلى قوله في مثل هذا المقام في عروج الأمر : { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ السجدة ، الآية : 5 ] . { فاصبر صبراً جميلاً } فإن العذاب يقع في هذه المدة المتطاولة يوم { يرونه } لاحتجابهم عنه { بعيداً * ونراه قريباً } حاضراً واقعاً يتوهمه المحجوبون متأخراً إلى زمان منتظر لغيبتهم عنه ونحن نراه حاضراً . { يوم تكون } سماء النفس الحيوانية متذائبة متفانية { كالمُهل } على ما مر في قوله : { وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } [ الرحمن ، الآية : 37 ] { وتكون } جبال الأعضاء هباء منبثاً على اختلاف ألوانها { كالعهن * ولا يسئل حميم حميماً } لشدّة الأمر وتفاقم الخطب وتشاغل كل أحد بما ابتلي به من هيئات نفسه وأهوال ما وقع فيه مع ترائيهم .