Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 1-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أن اعبدوا الله } بالمجاهدة والرياضة في سبيله { واتّقوه } بالتجرّد عما سواه حتى صفاتكم وذواتكم { وأطيعون } بالاستقامة { يغفر لكم } ذنوب آثار أفعالكم وصفاتكم وذواتكم { ويؤخركم إلى أجل } معين لا أجل بعده ، وهو الفناء في التوحيد { إنّ أجل الله } الذي هو توفيه إياكم بذاته { إذا جاء لا يؤخر } بوجود غيره بل يفنى كل ما عداه { لو كنتم تعلمون } { قال ربّ إني دعوت قومي } في مقام الجمع بين الظلمة والنور إلى التوحيد { فلم يزدهم دعائي إلا فراراً } لأنهم كانوا بدنيين ظاهريين لا يرون النور إلا للضوء الجسماني ولا الوجود إلا للجواهر الجسمانية الغاسقة ، فينفروا عن إثبات نور مجرد أنوارهم بالنسبة إليه ظلمات . { وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم } وتسترهم بنورك تصاموا عنه لعدم فهمهم وقصور استعدادهم أو زواله { واستغشوا ثيابهم } وتستروا بأبدانهم والتحفوا بها لشدّة ميلهم إليها وتعلقهم بها واحتجابهم { وأصروا } على ذلك ولم يعزموا التجرّد { واستكبروا } لاستيلاء صفات نفوسهم واستعلاء غضبهم { ثم إني دعوتهم جهاراً } نزلت عن مقام التوحيد ودعوتهم إلى مقام العقل وعالم النور { ثم إني أعلنت لهم } بالمعقولات الظاهرة { وأسررت لهم } في مقام القلب بالأسرار الباطنة ليتوصلوا إليها بالمعقولات . { فقلت استغفروا ربّكم } أي : اطلبوا أن يستركم ربّكم بنوره فتتنوّر قلوبكم وتكاشفوا بالحقائق الإلهية والأسرار الغيبية { يرسل } سماء الروح { عليكم مدراراً } بأمطار المواهب والأحوال { ويمددكم بأموال } المكاسب والمقامات { وبنين } التأييدات القدسية من عالم الملكوت { ويجعل لكم جنّات } الصفات في مقام القلب وأنهار العلوم . { ما لكم لا ترجون لله وقاراً } أي : تعظيماً يوقركم بالترقي في الدرجات إلى عالم الأنوار { وقد خلقكم أطواراً } كل طور أشرف مما قبله وكان حالكم فيه أحسن وشرفكم أزيد مما تقدمكم ، فما بالكم لا تقيسوا الغيب على الشهادة والمعقول على المحسوس والمستقبل على الماضي فترتقون إلى سماء الروح بسلم الشريعة والعلم والعمل كما ارتقيتم بسلم الطبيعة والحكمة والقدرة في أطوار الخلقة .