Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 3-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وأنه تعالى } عظمة { ربّنا } من أن نتصوّره مدركة فتكيفه فيدخل تحت جنس فيتخذ { صاحبة } من صنف تحته أو { ولداً } من نوع يماثله { وأنه كان يقول سفيهنا } الذي هو الوهم { على الله شططاً } بأن كان يتوهمه في جهة ويجعله من جنس الموجودات المحفوفة باللواحق المادية فيماثل المخلوقات صنفاً أو نوعاً { وأنّ ظننا أن لن تقول } إنس الحواس الظاهرة ولا جنّ القوى الباطنة { على الله كذباً } فيما أدركوا منه فتوهمنا أن البصر يدرك شكله ولونه والأذن تسمع صوته والوهم والخيال يتوهمه ويتخيله حقاً مطابقاً لما هو عليه قبل الاهتداء والتنوّر ، فعلمنا من طريق الوحي أن ليست في شيء من إدراكه بل هو يدركها ويدرك ما تدركه ولا تدركه . { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون } أي : تستند القوى الظاهرة إلى القوى الباطنة وتتقوّى بها { فزادوهم } غشيان المحارم وإتيان المناهي بالدواعي الوهمية والنوازع الشهوية والغضبية والخواطر النفسانية . { وأنهم ظنّوا كما ظننتم } قبل التنوّر بنور الهدى { أن لن يبعث الله } عليهم العقل المنوّر بنور الشرع فيهذبهم ويزكيهم ويؤدّبهم بالآداب الحسنة فيأتون ما يشتهون بمقتضى طباعهم ويعملون على حسب غرائزهم وأهوائهم ويتركون سدى بلا رياضة ويهملون هملاً بلا مجاهدة . { وأنّا لمسنا } أي : طلبنا سماء العقل لنستفيد من مدركاته ما نتوصل به إلى لذاتنا ونسترق من مدركاته ما يعين في تحصيل مآربنا كما كان قبل التأدّب بالشرائع { فوجدناها ملئت حرساً شديداً } معاني حاجزة عن بلوغنا مقاصدنا وحكماً مانعة لنا عن مشتهياتنا قوية { وشُهباً } وأنواراً قدسية وإشراقات نورية تمنعنا من إدراك المعاني التي صفت عن شوب الوهم والوصول إلى طور العقل المنوّر بنور القدس ، فإن العقل قبل الهداية كان مشوباً بالوهم ، قريباً من أفق الخيال والفكر ، مقصوراً على تحصيل المعاش مناسباً للنفس وقواها .