Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 94-95)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { فإن كنتَ } يا محمد { في شكٍ مما أنزلنا إليك فاسألِ الذين يقرؤون من قَبلِكَ } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ، والمراد به : من وقع له شك ، فإن الملك إذا إراد أن يُعرض بأحد خاطب كبير القوم وهو يريد غيره ، فهو كقول العامة : الكلام مع السارية وافهمي يا جارية . وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو بعيد من الشك لأنه عين اليقين ، وهو الذي علَّم الناس اليقين ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لما نزلت " لا أشُكُ وَلاَ أَسأَل " والمراد بالذين يقرؤون الكتاب : من أسلم منهم ، كعبد الله بن سلام وغيره ، أو فإن كنت أيها المستمع في شك مما أنزلنا إليك على لسان فاسأل … الخ ، وفيه تنبيه على أن من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلها ، بالرجوع إلى أهل اليقين إن كانت في التوحيد ، أو إلى أهل العلم إن كانت في الفروع . قال ابن عطية : الخواطر التي لا ينجو منها أحد ، هي خلاف الشك الذي يحال فيه على الاستشفاء بالسؤال . هـ . أي : فإنها معفوّ عنها . ثم قال تعالى : { لقد جاءك الحقُّ من ربك } واضحاً لا مدخل للمرية فيه بالآيات القاطعة { فلا تكوننَّ من الممتَرين } : الشاكِّين بالتزلزل على ما أنت عليه من الجزم واليقين ، { ولا تكوننَّ من الذين كذَّبوا بـآيات الله فتكون من الخاسرين } ، وهذا كله يجري على ما تقدم من أنه لكل سامع . وقال البيضاوي : هو من باب التهييج والتثبيت ، وقطع الأطماع عنه ، كقوله { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } [ القصص : 86 ] . هـ . الإشارة : لا تنقطع عن العبد الأوهام والشكوك والخواطر ، حتى يدخل مقام الإحسان ، ويكاشف بمقام الشهود والعيان ، بالغيبة عن حس الأكوان ، بسطوع أنوار المعاني عند غيبة الأواني ، ومن غاب عن حس نفسه غاب عنه حس جميع الأكوان وذلك بصحبة أهل العرفان ، الذين سلكوا الطريق حتى أفضوا إلى عين التحقيق ، فزاحت عنهم الشكوك والأوهام ، وانحلت عنهم الشُّبَه ، وزالت عن قلوبهم الأسقام ، واطلعوا على تاويل المتشابه من القرآن ، فبصحبة هؤلاء ترتفع الخواطر والشكوك ، ويرتفع العبد إلى حضرة ملك الملوك ، فجلوس ساعة مع هؤلاء تعدل عبادة سنين . وفي بعض الآثار : تعلموا اليقين بمجالسة أهل اليقين قلت : وقد مَنَّ الله علينا بمعرفتهم وصحبتهم ، بعد أن تحققنا بخصوصيتهم ، فللّه الحمد وله الشكر . ثم أخبر عمن سبق له الشقاء ، فلا ينفع فيه سؤال ولا صبحة ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ } .