Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 25-27)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : من قرأ : إني بالكسر ، فعلى إرادة القول ، ومن قرأ بالفتح ، فعلى إسقاط الخافض ، أي : بأني ، وبادي الرأي : ظرف لـاتبعك ، على حذف مضاف أي : وقت حدوث أول رأيهم . وهو من البدء أي : الحدوث ، أو من البُدُوِّ ، أي : الظهور . أي : اتبعوك في ظاهر الرأي دون التعمق في النظر . يقول الحق جل جلاله : { ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه } فقال لهم : { إني لكم } ، أو بأني لكم { نذير مبينٌ } أي : بين ظاهر ، أو أبين لكم موجبات العذاب ، ووجه الخلاص منه ، قائلاً : { ألا تعبدوا إلا الله } ، ولا تعبدوا معه غيره ، { إني أخاف عليكم عذابَ يومٍ أليم } مُؤلم ، وهو في الحقيقة صفة للعذاب ، ووصف به زمانه على طريقة [ جَدَّ جَدُّه ، ونهاره صائم ] للمبالغة . { فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نَراك إلا بشراً مثلنا } لا مزية لك علينا تخصك بالنبوءة ووجوب الطاعة ، { وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلُنا } أخساؤنا وسُقَّاطنا جمع ارذل . { بادِيَ الرأي } من أول الرأي من غير تفكر ولا تدبر ، أي : اتبعك هؤلاء بادي الرأي من غير ترو . أو ظاهراً رأيهم خفيفاً عقلهم ، وإنما استرذلوهم ، لأجل فقرهم ، جهلاً منهم ، واعتقاداً أن الشرف هو المال والجاه . وليس الأمر كذلك . بل الشرف إنما هو بالإيمان والطاعة ، ومعرفة الحق . وقيل : إنهم كانوا حاكة وحجامين . وقيل : أراذل في أفعالهم ، لقوله : { وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون } [ الشعراء : 112 ] ، ثم قالوا : { وما نَرى لكم } أي : لك ولمتبعيك { علينا من فضلٍ } يؤهلكم للنبوءة ، واستحقاق المتابعة . { بل نظنكم كاذبين } أنت في دعوى النبوءة ، وهم في دعوى العلم بصدقك . فغلب المخاطب على الغائبين . الإشارة : تكذيب الصادقين سنة ماضية ، وأتباع الخصوص موسومون بالذلة والقلة ، وهم أتباع الرسل والأولياء وهم أيضاً جُل أهل الجنة لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال : " أَهلُ الجَنَّة كُلُّ ضَعِيفٍ مُستَضعَفٍ " . وقالت الجنة : مَا لِيَ لا يَدخُلُني إلا سُقَّطُ الناس ؟ فقال لها الحق تعالى : " أنتِ رَحمَتي أَرحَمُ بِك مَنْ أَشاء " حسبما في الصحيح . ثم أجابهم بقوله : { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ } .