Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 45-47)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : وإنَّ وعدك : عطف على إن ابني . وأنت أحكم : حال من الكاف . وإني أعظك : مفعول من أجله ، أي : كراهية أن تكون من الجاهلين . يقول الحق جل جلاله : { ونادى نوحٌ ربَّه } بعد تعميم الغرق ، أي : أراد النداء بدليل عطف قوله : { فقال ربِّ إنَّ ابني من أهلي } ، فإنه هو النداء ، أو تكون فصيحة ، جواباً عن مقدر ، كأن قائلاً قال : ماذا في ندائه ؟ فقال : إن ابني من أهلي وقد وعدتني أن تنجيني وأهلي ، { وإن وعَدَكَ الحقُّ } لا يتطرقه الخلف ، فما باله غرِق ؟ { وأنت أحكمُ الحاكمين } لأنك أعلمهم وأعدلهم ، فلم أعرف وجه حكمك عليه بالغرق . أو لأنك أكثر حكمة من ذوي الحكم ، فلم أفهم حكمة غرقه . { قال } تعالى : { يا نوح إنه ليس من أهلك } لأنه خالفك في الدين ، ولا ولاية بين الكافر والمؤمن ، { إنه عملٌ غير صالح } أي : ذو عمل فاسد . جعل ذاته نفس العمل مبالغةً . وقرأ الكسائي ويعقوب : عَمِلَ بلفظ الماضي . أي : عمل عملاً فاسداً . استحق به البعد عنك . أو : إنه أي سؤالك عملٌ غير صالح . ويقوي هذا قراءة ابن مسعود : " إنه عمل غير صالح أن تسألني ما ليس لك به علم ، وقراءة الجماعة : { فلا تسألن ما ليس لك به علمٌ } أصواب هو أم لا ، حتى تقف على كنهه . وإنما سمي نداءه سؤالاً لتضمنه معنى السؤال ، بذكر الوعد واستنجازه واستفسار المانع . ثم وعظه بقوله : { إني أعظُكَ أن تكون من الجاهلين } أي : إني أعظك كراهة أن تكون من الجاهلين الذين يسألون ما لا يوافق القدر . وقد استثنيته بقولي : { إلا من سبق عليه القول } . وليس فيه وصفه بالجهل ، بل وعظه لئلا يقع فيه ، والحامل له على السؤال ، مع أنه استثنى له غلبة الشفقة على الولد مع كونه لم يتحقق أنه ممن سبق عليه القول . { قال } نوح : يا { رب إني أعوذُ بك أن أسألكَ } في المستقبل { ما ليس لي به علمٌ } ما لا علم لي بصحته . { وإلا تغفرْ لي } ما فرط مني من السؤال ، { وترحمني } بالتوبة ، تفضلاً وإحساناً ، وبالتوفيق والعصمة في المستقبل ، { أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } بسوء أدبي معك . الإشارة : قال الورتجبي : أدَّب نبيه نوحاً عليه السلام بأن لا يسأل إلا ما وافق القدر . كل دعاء لم يوافق مراده تعالى في سابق علمه لم يؤثر في مراد الداعي . وقوله : { إنه عمل غير صالح } أي : ليس عمله على موافقة السنة ، ثم وعظه ، وقال : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } ، الجاهل : من جهل قدر الله ، أي : أنزهك عن سوء الأدب في السؤال ، على غير قاعدة مرادك . هـ . وقال في الحكم : " ليس الشأن وجوب الطلب ، وإنما الشأن أن ترزق حسن الأدب " . ثم أمره بالنزول إلى الأرض من السفينة ، فقال : { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا } .