Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : فعجب : خبر ، وقولهم : مبتدأ ، وأئذا كنا … الخ محكي به . واختلف القراء هنا ، وفي مواضع من القرآن ، فمنهم من قرأ بالاستفهام في الأول دون الثاني ، ومنهم بالعكس ، ومنهم من قرأ بالاستفهام فيهما . فمن قرأ بالاستفهام في الأول دون الثاني فإنما القصد هو الثاني لأنهم إنما أنكروا كون الإنسان يصير تراباً ثم يُبعث ، وأما كونهم يصيرون تراباً فلا إنكار عندهم فيه . ومن قرأ بالاستفهام في الثاني فعلى الأصل ، ومن قرأ بالاستفهام فيهما فزيادة تأكيد . والعامل في إذا محذوف دل عليه : { لفي خلق جديد } أي : أُنجَدد إذا … الخ . يقول الحق جل جلاله : { وإن تعجب } يا محمد من إنكارهم البعث { فعجبٌ قولُهم } أي : فقولهم حقيق بأن يتعجب منه ، فإنَّ من قدر على إنشاء ما قصَّ عليك من عجائب السماوات والأرض ، وأنواع الثمار على اختلاف أصنافها وألوانها ، كانت الإعادة أيسر شيء عليه ، فالآيات المعدودة ، كما هي دالة على وجود المبدأ ، فهي دالة على إمكان الإعادة ، لأنها دالة على كمال قدرته تعالى . ثم فسر قولهم في الإنكار قالوا : { أَئذا كنا تراباً أئنا لفي خَلْقٍ جديد } أي : أَنُجَدِّدُ إذا متنا ، وكنا تراباً ، { أولئك } القائلون ذلك ، أو المنكرون البعث ، { الذين كفروا بربهم } لأنهم كفروا صفة القدرة ، { وأولئك الأغلالُ في أعناقهم } أي : مقيدون بالضلال ، قد أحاط بهم الشقاء ، ولا يُرجى خلاصهم . أو : يُغلّون يوم القيامة . { وأولئك أصحابُ النار هم فيها خالدون } لا ينفكون عنها . وتوسط ضمير الفصل لتخصيص الخلود بالكفار ، ففيه رد على المعتزلة . والله تعالى أعلم . الإشارة : إنكار بعث الأرواح من غفلاتها وجهلها ، كإنكار بعث الأشباح بعد موتها ، يُتعجب من الأول كما يتعجب من الثاني فالقدرة صالحة ، فمن قدر على بعث الأشباح بعد موتها الحسي قدر على بعث الأرواح بعد موتها المعنوي : " من استغرب أن ينقذه الله من شهوته ، وأن يخرجه من وجود غفلته ، فقد استعجز القدرة الإلهية { وكان الله على كل شيء مقتدراً } " ، وقد أحيا الله أرواحاً كثيرة كانت ميتة بالجهل والمعاصي ، فصارت عارفة بالله ، من خواص أولياء الله مَنْ كانوا لصوصاً فصاروا خُصوصاً ، ومنهم من كانوا كفاراً فصاروا أبراراً . وبالله التوفيق . ثم استمد بهم الإنكار حتى أستعجلوا ممن أوعدهم بذلك العذاب