Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 72-72)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : الحفدة : جمع حافد ، وهو الخديم المسرع في الخدمة ، والحفْد في اللغة : الخدمة ، ومنه في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، أي : نسرع في خدمتك . وسموا أولاد الأولاد حفدة لأنهم يُسرعون في خدمة جدهم ، حين كبر ولزم الدار ، وقيل : هم البنات لأنهن يخدمن الدار . يقول الحقّ جلّ جلاله : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا } حيث خلق حواء من ضلع آدم ، وسائر النساء من نطفة الرجال ، والنساء خلقهن لكم ، لتتأنسوا بهن ، ولتتمتعوا بهن في الحلال ، وليكون أولادكم مثلكم . { وجعل لكم من أزواجكم بَنين } من صلبكم { وحفَدةً } أولاد أولادكم أو بناتكم فإن البنات يخدمن في البيوت أشد الخدمة ، أو الأصهار من قِبل النساء ، أو الخدَم ، { ورزقكم من الطيبات } من اللذائذ والمشتهيات كأنواع الثمار والحبوب والفواكه ، والحيوان أكلاً وركوبًا وزينة ، أو الحلالات ، و " من " : للتبعيض فإن طيبات الدنيا أنموذج من نعيم الآخرة . { أفَبِالباطل يؤمنون } وهو أن الأصنام تنفعهم لأن الأصنام باطلة لا حقيقة لوجودها ، وإضافة النفع لها : كفرٌ بنعمة الله ، ولذلك قال : { وبنعمة الله هم يكفرون } حيث أضافوها إلى أصنامهم ، أو حيث حَرَّموا منها ما أحله الله لهم كالبحائر والسوائب . والله تعالى أعلم . الإشارة : والله جعل لكم من أنفسكم المطهرة أصنافًا من العلوم اللدنية . قال أبو سليمان الداراني : إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام ، جالت في الملكوت ، ثم عادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة ، من غير أن يؤدي إليها عالم علمًا . وجعل لكم من تلك العلوم بنين روحانيين ، وهو التلامذة ، يحملون تلك العلوم ، وحفدة : من ينقل ذلك عنهم إلى يوم القيامة ، ورزقكم من الطيبات ، وهي حلاوة المعرفة عند العارفين ، وحلاوة الطاعات عند المجتهدين . أفبالباطل - وهو ما سوى الله - يؤمنون ، فيقفون مع الوسائط والأسباب ، ويغيبون عن مسبب الأسباب ، وبنعمة الله - التي هي شهود الحق بلا وسائط - هم يكفرون . ثمَّ عاب على من وقف مع غير الله فقال : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً … }