Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 108-108)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { أم } للإضراب بمعنى بل وهو على قسمين : إما إضراب عن المعنى السابق ، أو لفظه فقط كما هنا ، انظر تفسير ابن عطية ، وإضافة الرسول إليهم باعتبار ما في نفس الأمر . وهو نص في إرساله إليهم كما أرسل إلى غيرهم . والضلال : التلف . و { سواء السبيل } : وسط الطريق . يقول الحقّ جلّ جلاله : أتريدون يا معشر اليهود أن قترحوا على نبيكم الذي أرسلت إليكم ، وإلى كافة الخلق من غيركم الآيات ، وتسألوه أن يريكم المعجزات ، كما سألتم موسى من قبل فقلتم : { أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً } [ النِّساء : 153 ] تشغيباً وتعنتاً ، وأبيتم عن الإيمان ، واستبدلتموه بالكفر والعصيان ، { ومن يتبدل الكفر بالإيمان } فقد تلف عن طريق الحق والسداد ، ومأواه جهنم وبئس المهاد . الإشارة : لا يُشترط في الولي ظهور الكرامة ، وإنما يشترط فيه كمال الاستقامة ، ولا يشترط فيه أيضً هداية الخلق على يديه إذ لم يكن ذلك للنبيّ فكيف يكون للولي ؟ قال تعالى : { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ يُونس : 99 ] وقد سَرَى في طبع العوام ما سَرَى في طبع الكفار ، قالوا : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُر لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً } [ الإسرَاء : 90 ] الآية . فكثير من العوام لا يقرون الولي حتى يروا له آية أو كرامة ، مع أن الولي كلما رسخت قدمه في المعرفة قلَّ ظهور الكرامة على يديه لأن الكرامة إنما هي معونة وتأييد وزيادة إيقان . والجبل الراسي لا يحتاج إلى عماد . والحق هو ما قاله الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : وإنهما كرامتان جامعتان محيطتان : كرامة الإيمان بمزيد الإيقان على نعت الشهود والعيان ، وكرامة العمل على السنة والمتابعة ، ومجانبة الدعاوى والمخادعة ، فمن أُعْطِيَهُمَا ثم اشتاق إلى غيرهما فهو مفتر كذاب ، أو ذو خطأ في العلم والفهم ، كمن أكرم بشهود الملك على نعت الرضى والكرامة ، ثم جعل يشتاق إلى سياسة الدوام وخِلَعِ الرضا أو كما قال رضي الله عنه . وقال شيخنا رضي الله عنه : الكرامة الحقيقية هي الأخلاق النبوية والعلوم اللدنية . فمن أنكر أولياء أهل زمانه وطلب منهم الدليل غير ما تقدم فقد ضلّ سواء السبيل ، وبقي مربوطاً في سجن البرهان والدليل . وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .