Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الم } وقد حارت العقول في رموز الحكماء ، فكيف بالأنبياء ؟ فكيف بالمرسلين ؟ فكيف بسيد المرسلين ؟ ، فكيف يطمع أحد في إدراك حقائق رموز رب العالمين ؟ ! قال الصديق رضي الله عنه : في كل كتاب سر ، وسر القرآن فواتح السور . هـ . فمعرفة أسرار هذه الحروف لا يقف عليها إلا الصفوة من أكابر الأولياء . وكل واحد يلمع له على قدر صفاء شربه . وأقرب ما فيها أنها أشياء أقسم الله بها لشرفها . فقيل : إنها مختصرة من أسمائه تعالى ، فالألف من الله ، واللام من اللطيف ، والميم من مهيمن أو مجيد . وقيل : من أسماء نبيه صلى الله عليه وسلم فالميم مختصرة إما من المصطفى ، ويدل عليه زيادة الصاد في { المص } [ الأعرَاف : 1 ] ، أو من المرسل ، ويدل عليه زيادة في الراء { المر } [ الرعّد : 1 ] . و { الر } [ الحِجر : 1 ] مختصرة من الرسول . فكأن الحق تعالى يقول : يا أيها المصطفى أو يا أيها الرسول { ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ البَقَرَة : 2 ] أو هذا { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [ الأعراف : 2 ] أو غير ذلك ، ويدل على هذا توجيه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم بعد هذه الرموز . و { كهيعص } [ مريَم : 1 ] مختصرة من الكافي والهادي والولي والعالم والصادق ، و { طه } [ طه : 1 ] من طاهر ، و { طس } [ النَّمل : 1 ] من يا طاهر يا سيد ، ويا محمد في { طسم } [ الشُّعَرَاء : 1 ] ، إلى غير ذلك . وعند أهل الإشارة يقول الحق جلّ جلاله : ألف : أفْرِدْ سِرَّك إِلّيَّ ، انفراد الألف عن سائر الحروف ، واللام : لَيِّنْ جوارحك لعبادتي ، والميم : أقم معي بمحو رسومك وصفاتك ، أزينك بصفاء الأنس والقرب مني . قاله الثعلبي . قلت : والأظهر أنها حروف تشير للعوالم الثلاثة ، فالألف لوحدة الذات في عالم الجبروت ، واللام لظهور أسرارها في عالم الملكوت ، والميم لسريان أمدادها في عالم الرحموت ، والصاد لظهور تصرفها في عالم الملك . وكل حرف من هذه الرموز يدل على ظهور أثر الذات في عالم الشهادة ، فالألف يشير إلى سريان الوحدة في مظاهر الأكوان ، واللام : يشير إلى فيضان أنوار الملكوت من بحر الجبروت ، والميم يشير إلى تصرف الملك في عالم الملك ، وكأن الحق تعالى يقول : هذا الكتاب الذي تتلو يا محمد - هو فائض من بحر الجبروت إلى عالم الملكوت ، ومن عالم الملكوت إلى الرحموت ، ثم نزل به الروح الأمين إلى عالم الملك والشهادة ، فلا ينبغي أن يرتاب فيه .