Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 246-246)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحقّ جلّ جلاله : { ألم تر } يا محمد - فتعتبر - { إلى } قصة جماعة { من بني إسرائيل من بعد } موت { موسى } حين طلبوا الجهاد ، وقالوا { لنبيّ لهم } يقال له : شمويل ، وقيل : شمعون { ابعث لنا ملكاً } يَسوس أمرنا ونرجع إليه في رأينا إذ الحرب لا تستقيم بغير إمام { نقاتل } معه { في سبيل الله قال } لهم ذلك النبيّ : { هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا } أي : هل أنتم قريب من التولي والفرار إن كُتب عليكم القتال ؟ والمعنى : أتوقع جُبْنكم عن القتال إنْ فُرض عليكم . والأصل : عساكم أن تجبنوا إن فرض عليكم ، فأدخل { هل } على فعل التوقع ، مستفهماً عما هو المتوقع عنده ، تقريراً وتثبيتاً . { قالوا } في جوابه : { وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله } أيْ : أيُّ مانع يمنعنا من القتال وقد وُجد داعيه ؟ وهو تسلط العدو علينا فأخْرَجَنَا من ديارنا وأسَرَ أبناءَنا ، وكان الله تعالى سلط عليهم جالوت ومن معه من العمالقة ، كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين ، وذلك لمَّا عصوا وسفكوا الدماء ، فخرَّبَ بيت المقدس ، وحرق التوراة ، وأخذ التابوت الذي كانوا ينتصرون به ، وسبي نساءهم وذراريهم . رُوِيَ أنه سبي من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين ، فسألوا نبيهم أن يبعث لهم ملكاً يجاهدون معه ، { فلما كُتب عليهم القتال } ويَسر لهم ملكاً يسوسهم وهو طالوت . جبنُوا وتولوا { إلا قليلاً منهم } ، وهم من عَبَرَ النهر مع طالوت ، { والله عليم بالظالمين } فيخزيهم ويُفسد رأيهم … نعوذ بالله من ذلك . الإشارة : ترى كثيراً من الناس يتمنون أو لو ظفروا بشيخ التربية ، ويقولون : لو وجدناه لجاهدنا أنفسنا أكثر من غيرنا ، فلما ظهر ، وعُرف بالتربية ، تولى ونكص على عقبيه ، وتعلل بالإنكار وعدم الأهلية ، إلا قليلاً ممن خصه الله بعنايته { وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشآء } [ البَقَرَة : 105 ] { وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ البَقَرَة : 105 ] سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه .