Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 87-87)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { قفينا } : أتبعنا ، و { عيسى } عجمي معدول عن أيشوع في لغة السريانية ، وهو غير منصرف للعلمية والعجمة ، و { مريم } : بمعنى الخادم ، ووزنه : مَفْعَل لا فعيل ، و { أيدناه } أي : قويناه ونصرناه ، و { روح القدس } هنا جبريل عليه السلام أي : الروح المقدسة - من إضافة الموصوف إلى الصفة ، سمي به لطهارته من كدر الحس . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى } التوراة ، فما قمتم بحقها ولا عملتم بما فيها ، واتبعنا بعده الرسل كلما مات رسول بعثنا بعده آخر اعتنا بكم ، { وَآتَيْنَا عيِسَى ابْنَ مَرْيَمَ } المعجزات الواضحات كإحياء الموتى ، وإبراء الأكمة والأبرص ، والإخبار بالمغيبات ، والإنجيل ، { وَأَيَّدْنَاهُ } بجبريل عليه السلام كان يسير معه حيث سار ، ورفعه إلى السماء حين أردتم يا معشر اليهود قتله ، { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أنفُسُكُمُ } من مشاق الطاعات وترك الحظوظ والشهوات ، { اسْتَكْبَرْتُمْ } وامتنعتم من الإيمان به { فَفَرِيقاً } منهم كذبتموه كعيسى وسليمان ومحمد - عليهم السلام - ، { وَفَرِيقاً } تقتلونه كزكريا ويحيى - عليهما السلام - ؟ قال القشيري : أصْغَوْا إلى الداعين بسمع الهوى ، فصار معبودهم صفاتهم وهواهم . هـ . الإشارة : كل ما قاله الحق جلّ جلاله لبني إسرائيل في فحوى الخطاب يقوله لهذه الأمة في سرّ الخطاب ، فلقد آتانا الكتاب ، وبيَّن فيه الرشد والصواب ، وقفَّى بعد إنزاله بعلماء أتقياء ، وأولياء أصفياء ، يحكمون بحكمه ، ويهدون بهديه ، فإذا أمروا بالزهد في الدنيا وترك الحظوظ والهوى رفضوهم وكذبوهم ، وربما كفَّروهم وقتلوهم ، واستكبروا عن الأذعان لهم والانقياد لقولهم ، ففريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون . وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : " لَتَتَّبِعُنّ سُنَنَ مَنْ قَبلكمُ شِبراً بشِبرٍ وذَراعاً بذراعٍ ، حتى لَو دَخلُوا جُحْرَ لدَخَلْتُموه ، فقالوا : مَن يا رسول الله اليهودُ والنصارى ؟ قالَ : نعم … ومَنْ إذن ؟ " أي : ومَن تتبعون إلا هم . فالدعاة إلى الله لا ينقطعون ما دام الدين قائماً ، فقوم يدعون إلى أحكام الله ، وقوم يدعون إلى معرفة الله ، فالأول : العلماء ، والثاني : الأولياء ، فإذا أمروا بالخروج عن العوائد والشهوات ، رموهم بسهام العتاب والمخالفات ، إذ لم يأت أحد بمثل ما جاءوا به إلا عودي ، إلا من خصته سابق العناية ، وهبت عليه ريح الهداية ، فيتبع آثارهم ، وقليلٌ ما هم .