Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 89-89)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { لمَّا } حرف وجود لوجود إذا وليها الماضي ، ولها شرط وجواب ، وهو هنا محذوف دلّ عليه جواب { لما } الثانية ، أي : ولما جاءهم كتاب من عند الله كفروا به ، أو { لما } الثانية تأكيد للأولى . والجواب : { كفروا به } ، أو فلما وجوابها جواب الأولى ، كقوله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ … } [ طه : 123 ] الآية ، و { يستفتحون } ينتصرون ، وفي الحديث : " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يَستَفْتِحُ بِصعَالِيكِ المُهَاجِرينَ " ، الذين لا مال لهم . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وَلَمَّا جَاءَهُمْ } أي : اليهود ، القرآن مصدقاً { لِّمَا مَعَهُمْ } من التوراة ، أي : موافقاً له وشاهداً له بالصحة ، وقد كانوا قبل ظهوره يستنصرون على أعدائهم بالنبيّ الذي جاء به ، فيقولون : اللهم انصرنا عليهم بالنبيّ المبعوث في آخر الزمان ، الذي نجد نعته في التوراة ، وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظلَّ زمانُ نبيّ يخرج بتصديق ما قلنا ، فنقتلكم معه قتل عاد وإرَم ، فلما ظهر وعرفوه كفروا به { فَلَعْنَةُ الله } عليهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم لُعنوا لكفرهم ، فاللام في { الْكَافِرِينَ } للعهد ، وهم كفار اليهود ، أو للجنس ، فتكون اللعنة عامة لكل كافر ، ويدخلون فيها دخولاً أوليّاً ، والله تعالى أعلم . الإشارة : ترى كثيراً من الناس إذا ذكر لهم الأولياء المتقدمون أقروهم وصدقوهم ، وإذا ذكر لهم أولياء أهل زمانهم أنكروهم وجحدوهم ، مع كونهم يستنصرون بأهل زمانهم في الجملة . فهذه نزعة يهودية ، آمنوا ببعض وكفروا ببعض . والناس في إثبات الخصوصية ونفيها على ثلاثة أقسام : قسم أثبتوها للمتقدمين ، ونفوها عن المتأخرين ، وهم أقبح العوام ، وقسم أقروها قديماً وحديثاً ، وقالوا : إنهم أخفياء في زمانهم ، فحرمهم الله بركتهم ، وقوم أقروا الخصوصية في أهل زمانهم ، وعرفوهم وظفروا بهم وعظموهم ، وهم السعداء الذين أراد الله أن يوصلهم إليه ويقربهم إلى حضرته . وفي الحكم : " سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه " . وبالله التوفيق .