Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 53-55)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { ويستعجلونك بالعذاب } ، كقولهم : أمطر علينا حجارة من السماء ، { ولولا أجلٌ مسمىًّ } المضروب لعذاب كل قوم ، أو : القيامة ، أو : يوم بدر ، أو : وقت فنائهم بأجلهم . والمعنى : ولو أجل قد سمّاه الله وعيَّنه في اللوح المحفوظ ، { لجاءهم العذاب } عاجلاً . والحكمة تقتضي تأخيره إلى ذلك الأجل المسمى ، { وليأتينهم } العذاب في الأجل المسمى { بغتةً } : فجأة { وهم لا يشعرون } بإيتانه . { يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } أي : لتحيط بهم ، أو : هي كالمحيطة بهم ، لإحاطة أسبابها بهم من الكفر والمعاصي . واللام للعهد ، على وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على موجب الإحاطة ، وهو الكفر ، أو الجنس ، فيدخل المخاطبون دخولاً أولياً . وتكرير استعاجلهم لاختلاف ما يترتب على كل واحد ، فرتب على الأول حكمة تأخيره ، وعلى الثاني تهديهم وزجرهم عنه . ثم قال تعالى : { يوم يغشاهم العذابُ من فوقهم ومن تحت أرجلهم } ، هذا وقت إحاطتها بهم ، أي : تحيط من جميع جوانبهم ، كقوله : { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ } [ الزمر : 16 ] . { ويقولوا ذُوقوا ما كنتم تعملون } أي : باشروا جزاء أعمالكم . الإشارة : ما قيل في حق من استعجل العذاب من الأنبياء ، يقال في حق من استعجله من الأولياء ، بحيث يؤذيهم ويقول : ليُظهروا ما عندهم ، فهذا حمق كبير ، ولا بد أن يلحقه وبال ذلك ، عاجلاً ، أو آجلاً ، إما ظاهراً أو باطناً ، وقد لا يشعر ، وقد يسري ذلك إلى عَقبه ، فيصيبه ذلك الوبال ، كما أصاب أباه والعياذ بالله من التعرض لأوليائه . ثم أمر بالهجرة من الأرض التي تكثر فيها الإذاية في الدين ، فقال : { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ … }