Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 71-73)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { أَوَ لَم يَرَوا } أي : أعموا ولم يعلموا { أَنا خلقْنا لهم مما عَمِلَت أيدينا } أي : أظهرته قدرتنا ، ولم يقدر على إحداثه غيرُنا . وذِكْر الأيدي ، وإسناد العمل إليها ، استعارة ، تُفيد مبالغة في الاختصاص والتفرُّد بالإيجاد ، { أنعاماً } خصَّها بالذكر لِمَا فيها من بدائع الحكمة والمنافع الجمة . { فهم لها مالكون } أي : خلقناها لأجلهم ، فملكناها إياهم ، فهم يتصرفون فيها تصرُّف المالك ، مختصُّون بالانتفاع بها . أو : فهم لها حافظون قاهرون . { وذَلَّلناها لهم } وصيَّرناها منقادة لهم . وإلا فمَن كان يقدر عليها لولا تذليلُه وتسخيره لها . وبهذا أمر الراكب أن يشكر هذه النعمة ، ويسبح بقوله : { سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } [ الزخرف : 13 ] { فمنها رَكوبهم } أي : مركوبهم ، وهو ما يُركب منها ، وقرىء بضم الراء ، أي : ذو ركوبهم . أو : فمن منافعها ركوبهم . { ومنها يأكلون } ما يأكلون لحمه ، أي : سخرناها لهم ليركبوا ظهرها ويأكلوا لحمها . { ولهم فيها منافعُ } من الجلود ، والأوبار ، والأصواف ، وغير ذلك ، { ومشَارِبُ } من اللبن ، على تلوُّنه من المضروب وغيره ، وهو جمع : مشرب ، بمعنى : موضع الشرب . أو : المصدر ، أي : الشرب . { أفلا يشكرون } نِعَم الله في ذلك ؟ إذ لولا إيجاده لها ما أمكن الانتفاع بها . الإشارة : قوم نظروا إلى ما منَّ الله إليهم من المبرة والإكرام ، فانقادوا إليه بملاطفة الإحسان ، فعرفوا المنعِّم ، وشكروا الواحد المنّان ، فسخّر لهم الكون وما فيه ، وقوم لم ينجع فيهم سوابغ النعم ، فسلّط عليهم المصائب والنقم ، فانقادوا إليه قهراً بسلاسل الامتحان ، " عَجِبَ ربك من قوم يُساقون إلى الجنة بالسلاسل " ، وكل هؤلاء سبقت لهم من الله العناية . وقوم لم ينجح فيهم نِعَمٌ ولا نِقَم ، قد سبق لهم الخذلان ، فأصرُّوا على العصيان ، ولم يشكروا الله على ما أسدى من سوابغ الإحسان . وإلى لهؤلاء توجّه الخطاب بقوله : { وَٱتَّخَذُواْ مِن … }